وهم المعجزات
تُعرف المعجزة على أنّها كلمةٌ ذات دلالة عقائديّة لفعلٍ غير طبيعي ولا متوقع وتُنسب إلى تدخل إلهي أو قوى غيبية خارقة يقوم بها قديسٌ أو كاهنٌ أو زعيمٌ ديني…
حقيقةً لا وجود للمعجزات إلّا ضمن مجموعةٍ من الأشخاص شهدت حدثاً وغالباً سمعت عنه فقط؛ لم تجد له تفسيراً منطقيّاً فاعتقدت به وصنّفته على أنّه معجزة.
إنّ التّعريف الحقيقي للمعجزة هو حدثٌ بشريٌ محض يُنسب لقوى ميتافيزيقية حسب معتقد الطرف الآخر. هي مجرد عمليّة تلاعب ومكر و استخدام حيلٍ مختارةٍ بعناية ومدروسةٍ بدقة لخداع العقول السّاذجة التي لا تدركها وهكذا يسهل التحكم استغلالها و التّحكم بها.
فمثلاً إذا تم إحياء أحد أسلافنا اليوم ليشرح لنا ظاهرة الكسوف أو الخسوف لنَسبه بكل ثقةٍ إلى إلهٍ ما ولوُضع في مصحةٍ للأمراض العقليّة، رغم أنّه لو تنبّأ بها في عصره لكان رسولاً مباشراً من اللّه أو ربما اللّه شخصياً ولاستطاع استغلال الموقف لصالحه مؤثراً في مخاوف النّاس ومدعياً اتصاله بالغيبيات أو مبعوثٌ من قبلها ومتحكمٌ بها. إذاً بمتابعة تاريخ الإنسان التّطوري نلحظ ابتعاده عن الاعتقاد بالمعجزات وذلك لسببٍ بسيط ألا وهو أن درجة وعيه ومعرفته تتطور بمرور الزّمن و بالتّالي أصبح أكثر منطقيّة و كشفاً للغموض و أكثر إدراكاً للطّبيعة و قوانينها.
يتخذ هؤلاء الدجالون بشكلٍ عام و الّذين يدعون قدرتهم على المعجزات مظهراً متواضعاً ليبدوا غير مهتمين بالمادّيات وذلك بهدف إغواء أتباعهم بشكلٍ أفضل، هكذا يخترقون العقول ويخضعوها وليس لتحقيق مطامعهم الاقتصادية والسياسية فقط و إنّما لضمان السّيطرة الدّائمة على البشر حتى بعد موتهم وإدامة أنفسهم على مدى أجيال، فمن كان يُطلق عليه “نبي” في الماضي يُسمّى اليوم “غورو” أو “Guru” وهو يتبع نفس الآليّة المخادعة لإغواء الحشود وتجريدهم من إرادتهم الحرة، لا بل و توسعت الغاية لتشمل شعوباً كاملةً لتدميرها ماديّاً ومعنويّاً لضمان التّبعية و عدم القدرة على العيش بفردانية و حريّة.
إنّ خطر الأديان والطّوائف كما يبدو لي مازال راسخاً وبشدّة ولهذا يتوجّب علينا مكافحة هذه الآفات بكل الوسائل لتقليل الضّرر في الألفيّة الثّالثة ليكون كل إنسانّ حرّاً في اختيار معتقده على حسب تجربته الشّخصيّة. تتطلّب الإنسانية اليوم إيماناً فردياً شخصياً يُحدث التّوازن من داخل كل إنسان دون الحاجة لاتباع أيٍ كان وخصوصاً دون تبعية من توفى منذ مئات السّنين كالأنبياء وغيرهم.