أين يكمن خطر الإيمان؟

تساءلت مرارًا: أين يكمن الخطر الذي تشكله الأديان على الإنسانية اليوم وغدًا؟ هل يكمن في فكرة الإيمان بـ”الله”؟ أم في الدين ذاته؟ لا أعتقد ذلك؛ فالإيمان بـ”الله” أو بالدين بمفرده لا يشكل خطرًا على الإنسان إذا لم يتجاوز مستوى مجرد الاعتقاد.

ليس لدي مانع من “الله” بحد ذاته أو من الدين كفكرة أو كواقع، بشرط ألا يتجاوز تأثيرهما إثراء العقل. هناك العديد من الأمور التي يؤمن بها الإنسان، سواء كانت موجودة أم لا، مثل الكائنات الفضائية أو قوى الشر والخير؛ لكن المشكلة تكمن في أننا غالبًا لا نتوقف عند مستوى الاعتقاد البسيط.

لقد ترسخت فكرة “الله” في عقول البشر إلى درجة أن حياة الفرد أو الجماعة تعتمد عليها تقريبًا كليًا، والخطر الأكبر يظهر عندما يتبع هذا الاعتقاد أفكارٌ أكثر خطورة، مثل تلك التي تجعل الإنسان ممثلًا للطبيعة الإلهية في الكون.

التأثير المدمر للعقيدة الدينية

هذه المقاربة مثيرة للقلق، خاصة عندما يتظاهر بعض الأشخاص بأنهم مرسلون من “الله” لقيادة البشر نحو الحقيقة والاستقامة.

القوة الفاسدة للأنبياء

لا يمكن اعتبار من يدّعون النبوة محسنين للبشرية، إذ تستند رسالتهم إلى عقيدة محددة تهدف إلى تحقيق أهداف وطموحات شخصية أو وطنية. ولتغيير الوضع الاقتصادي والسياسي في مناطقهم، يستغل هؤلاء سذاجة العقول البسيطة، ضحايا الظلم في زمانهم.

الهيمنة الذهنية بواسطة العقيدة

يمنح لقب النبي هؤلاء سلطة مطلقة على من حولهم، ليس بفضل ذكائهم، بل من خلال تلاعبهم وتحكمهم في الفكر، مستغلين ظروف عصرهم لتقديم أفكارهم على أنها تجديد ثوري.

الدين كأداة للسيطرة الاجتماعية

الدين الجديد، المزعوم أنه أُرسل من “الله” لإنقاذ الأرواح الضالة، ليس إلا حيلة لاستعادة السلطة، إذ يخلق معارضة قوية للنظام القائم ويسعى إلى قلب الوضع. تنتقل هذه الأساليب من جيل إلى جيل، محمية بسرية العائلة حتى تصل إلى مرتبة النبوة.

الطموح للسيطرة المطلقة

يتجاوز طموح هؤلاء الأنبياء مجرد الهيمنة السياسية؛ فهم يسعون للسيطرة المطلقة على عقول البشر بكامل تفاصيلها، مجردين الأفراد من حرية إرادتهم من خلال دعاية لا تقبل الخطأ، ليجعلوا العالم كله يفكر كما يفكرون هم.

ضرورة تحرير الإنسانية

من واجبنا منع هؤلاء من إلحاق الضرر بالآخرين من خلال تزييف الأفكار وإملاء الآراء، وإيقاف هذه العملية التي تصنع العبيد. يجب محاربة الظاهرة الدينية بكل الوسائل لتحرير الإنسان من تبعيته، وفصل الدين عن المجتمع وحتى عن الفرد، حتى يتمكن الإنسان من تحمل مسؤولياته الخاصة.

بغض النظر عما نؤمن به أو بمن نؤمن، يجب أن يكون إيماننا صلبًا وحقيقيًا؛ فالإيمان يولد من داخلنا ولا ينبغي أن يُفرض من قبل التقاليد أو المجتمع.

Pin It on Pinterest