الزنا والاغتصاب في الإسلام
من يعرف القوانين الإسلامية عن قرب سيدرك أنه في الإسلام لا يوجد فرق كبير بين الفاحشة والاغتصاب. الكلمة المستخدمة بالعربية للدلالة على الفاحشة هي “الزنا”، والتي تشير حرفيًا إلى العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج. أما الدلالة على الاغتصاب فهي “الإكراه” أو “الارتطاب”، وتنطوي على فكرة فرض العلاقة الجنسية على المرأة باستخدام القوة. فيما يلي، سنتناول ما يقوله الإسلام عن هذا الموضوع، دون الخوض في تفاصيل دقيقة.
قبل كل شيء، يجب أن تعلموا أن الإسلام لا يعتبر اغتصاب المرأة من قبل زوجها أو عبدها عملاً محرمًا. فالرجل يمتلك جميع الحقوق على زوجته كما على عبده، بما في ذلك الحقوق الجنسية؛ وهذا ما يسمى بـ “حق الفراش”. يجب على المرأة أن تطيع زوجها ببساطة، وعلى العبد أن يطيع سيده، دون أن يُثير ذلك أدنى اعتراض. وكما تلاحظون، فإن هذا الأمر ينتهك حقوق الإنسان، وخاصة حقوق المرأة.
في “موطأ مالك”، وهو مجموعة من الفتاوى للإمام مالك، يُميز بين حالتين في حالة الاغتصاب. إذا لم تكن المرأة المغتصبة عبدة، فإن الجاني يجب أن يدفع لها مهرًا. وإذا كان الجاني متزوجًا، فإن عقوبته (الحد) تكون الرجم؛ وإذا لم يكن متزوجًا، فيحصل على 100 جلدة. هذا هو رأي الشافعي، والليث، وأبي حنيفة، والثاوري. ويذكر الجميع أنه وفقًا لعلي بن أبي طالب، فإنه يُطبق فقط “الحد” دون إضافة مهر تعويضي.
لكن مالك يميل إلى الرأي الأول، لأنه يفصل بين الحق الإلهي، الذي يُترجم إلى “الحد”، والحق البشري الممثل بالمهر. في برهانه، يستشهد بمثال السارق الذي تُقطع يده لتحقيق العدالة لله، ويُصادر منه المسروق لإعادته إلى صاحبه بهدف تحقيق العدالة. ومن ناحية أخرى، لا يُفرق مالك بين المرأة المسلمة وغير المسلمة، بين المرأة المتزوجة والعذراء.
ومع ذلك، إذا تم الاختراق بإصبع فقط وحدوث تمزق في غشاء البكارة، فإن كتاب ابن المعزي، المنقول عن ابن زيد وابن الكاظم، يشير إلى ضرورة تقليل المهر إلى الثلث، بغض النظر عن عمر المرأة أو العبد المغتصب، لأن الإصابة ستكون جرحًا وليس اختراقًا.
مقتطف من قسم “موسوعة الفتاوى”:
«جواب السؤال: ما الفرق بين الفاحشة والاغتصاب من وجهة نظر القانون الإسلامي؟
الفاحشة المعاقب عليها (“الحد”) هي التي يحدث فيها اختراق واضح للقضيب للمهبل “المحرم” خارج إطار الزواج، لرجل أو امرأة بالغة، يتمتعان بكامل قدراتهما العقلية وواعيتين بطابع الفاحشة المحرمة. في هذه الحالة، وفقًا لأحمد والشافعي، سيتلقى كل من الطرفين، إذا لم يكن متزوجًا، 100 جلدة، ويُحكم عليه بالنفي لمدة سنة. ووفقًا لمالك والأوزاعي، يجب نفي الرجل فقط؛ أما عند أبي حنيفة، فيُترك القرار ليد القاضي.
إذا كان أحد الطرفين متزوجًا، فإن الجاني يُحكم عليه بالرجم. لكن وفقًا لابن حزم وإسحاق، يجب أن يُجلد 100 جلدة قبل أن يُرجم. وهذا هو الحال بالنسبة للفاحشة بين شخصين بموافقة خارج إطار الزواج.
أما الاغتصاب، الذي يتمثل في إجبار المرأة على ممارسة الفاحشة خارج إطار الزواج، فإن الحكم يختلف بالنسبة للضحية. فقد ذكر ابن كودامة في “المغنى” (الأغنية): «الضحية معفاة من العقوبة»، وهذا أمر متفق عليه بين العلماء سواء كانت الاغتصاب بالقوة أو تحت تهديد لفظي.
أما الجاني، فيجب أن يُرجم إذا كان متزوجًا، وإن لم يكن متزوجًا فيُجلد. ويضيف الشافعي ومالك والليث أنه يجب عليه أيضًا دفع مهر للضحية. ويحدد الشافعي في كتابه “الأُم” (الأصل) بشأن الاغتصاب: «يجب على الجاني أن يدفع مهرًا للمرأة أو للعبد المغتصب. لا تُفرض عقوبة على الضحية، أما الجاني، إذا كان متزوجًا، فيجب أن يُرجم؛ وإن لم يكن متزوجًا، فيُجلد وينفى لمدة سنة.»
إن وجهة نظر الإسلام حول الاغتصاب واضحة في هذه الأسطر؛ إذ يعتبر الدين أن الرجل لا يوجد عليه فرق بين عقوبة الاغتصاب وعقوبة الفاحشة البسيطة. بالنسبة للمرأة، تُعاقب الفاحشة على قدم المساواة مع الرجل؛ بينما في حالة الاغتصاب، لا تُعاقب المرأة، وفي أفضل الأحوال تحصل على مهر تعويضي، يختلف مقدارُه وفقًا لطوائف الإسلام.
من النظرة الأولى، قد يبدو أن هناك عدلاً معينًا في ذلك؛ ولكن يجب الحذر، فهذه الشريعة تشكل خطورة بالغة على الضحية، خاصةً وأن الإسلام لا يقبل الاغتصاب أو الفاحشة إلا إذا ثبت الاختراق.
علاوة على ذلك، لا يُميز الإسلام بين اغتصاب البالغين واغتصاب الأطفال؛ فكل ما يسعى إليه المشرع القرآني هو معرفة ما إذا كان الجاني متزوجًا أم لا، دون الاهتمام بالضحية. وفي هذه الحالة، يُعتبر الاغتصاب مجرد فاحشة بسيطة.
والأسوأ من ذلك، أنه اليوم، في معظم الدول الإسلامية، بما في ذلك تلك التي لا تطبق الشريعة الإسلامية، يُعطى الجاني خيارًا بين السجن أو الزواج من المرأة التي اعتدى عليها! وفي المقابل، ستواجه المرأة الخيار التالي: إما أن تقضي حياتها مع جانيها، أو أن ترفض الزواج منه، وفي الحالة الأخيرة، لن يرغب أي رجل في زواجها! ففي الدول الإسلامية، تُعتبر المرأة المغتصبة مصدر عار لعائلتها ومنطقتها ومجتمعها.
كما هو الحال دومًا في ثقافة توحيدية أبوية، حيث يهيمن الذكر، تُحمَّل المرأة، حتى وإن كانت مغتصبة، المسؤولية الوحيدة عما تعرضت له؛ فهي تُعتبر الملام الوحيد. «بعد كل شيء، هي من استدعت ذلك»، كما يقول بعض المنتقدين. ونتيجة لذلك، غالبًا ما تقبل المرأة المسكينة هذا الزواج لتصنيف الأمر واستعادة شرف عائلتها.
إليكم إذن أن تحكموا على هذه الشريعة التي تُعد عارًا على الإسلام، والتي لا يُعيرها “المثقفون” الغربيون والعرب اهتمامًا كافيًا، بل يُمرّون عليها أحيانًا صامتين، على أمل ألا يولي أحد اهتمامًا كافيًا لتنديد بضعفها وظلمها.
يمكنك القراءة أيضًا :هل ظلم الإسلام الرجل؟

