فرنسا واللجوء السياسي للمعارضين التونسيين: تحولات استراتيجية أم ضغوط سياسية؟

تحول مفاجئ في موقف فرنسا من اللجوء السياسي

بعد سنوات من الجمود، بدأ المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية (Ofpra) في معالجة طلبات اللجوء السياسي للمعارضين التونسيين لنظام قيس سعيد، مما أثار تساؤلات حول توقيت هذا التحول وأبعاده في ظل تغيرات جيوسياسية كبرى.

شخصيات بارزة تحصل على اللجوء في فرنسا

وفقًا لتقرير صادر عن مجلة “أفريكا إنتلجنس” بتاريخ 24 ديسمبر 2024، منحت فرنسا اللجوء السياسي لعدد من الشخصيات السياسية والقضائية التونسية المعارضة، من بينهم:

  • بشر الشابي: نائب في البرلمان المنحل وعضو بحركة النهضة، متهم بالإرهاب والتواطؤ مع وزير الخارجية الأسبق رفيق عبد السلام.
  • عبد الرزاق الكيلاني: محامٍ بارز، نظم لقاءات معارضة في باريس، ويواجه تهماً بمعارضة السلطات والإخلال بالنظام العام.
  • مبروك كرشيد: وزير أملاك الدولة السابق، غادر تونس بعد اتهامه برفع التجميد عن أصول رجل الأعمال مروان مبروك.
  • إبراهيم بلغيث: محامٍ رفع دعوى ضد الدولة التونسية أمام المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان بسبب المراسيم الرئاسية المثيرة للجدل.
  • عادل الدعداع: رجل أعمال مقرب من حركة النهضة، لا يزال بانتظار القرار النهائي بخصوص طلبه للجوء السياسي.

السياق السياسي: إعادة التوازن بين القوى الإقليمية

تأتي هذه التطورات في سياق سياسي أوسع، حيث تشهد تونس ومصر تغيرات جذرية منذ انتفاضات 2011، عندما وصلت الحركات الإسلامية إلى السلطة قبل أن تتم الإطاحة بها. واليوم، تبدو فرنسا بصدد إعادة صياغة علاقتها مع التيارات الإسلامية السنية، في إطار استراتيجية تهدف إلى مواجهة النفوذ الإيراني والتكتلات الشرقية المتصاعدة.

توتر متصاعد بين باريس وتونس

لم تكن العلاقات الفرنسية-التونسية في أفضل حالاتها، وزاد التوتر بعد اعتقال الباحث الفرنسي فيكتور دوبونت في أكتوبر 2024، قبل الإفراج عنه بوساطة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. هذه الحادثة عمقت الخلافات بين البلدين، خاصة بعد انتقادات باريس المتكررة لسياسات قيس سعيد المتعلقة بالحريات وحقوق الإنسان.

هل تسعى فرنسا لإعادة رسم المشهد السياسي في شمال أفريقيا؟

تعكس هذه التحركات الفرنسية رغبة في إعادة ترتيب الأوراق السياسية في المنطقة، خصوصًا مع تصاعد التوترات الدولية والإقليمية. قد يكون هذا التطور مقدمة لتحولات أوسع، ليس فقط في تونس، بل أيضًا في مصر، حيث يواجه نظام عبد الفتاح السيسي تحديات داخلية وخارجية.

ما مستقبل المعارضة التونسية في الخارج؟

مع منح اللجوء لعدد من المعارضين، يبدو أن فرنسا أصبحت ملاذًا سياسياً جديداً لخصوم قيس سعيد، مما قد يزيد من الضغوط الدولية على نظامه. فهل ستمثل هذه الخطوة بداية تصعيد سياسي أوروبي ضد السلطات التونسية، أم أنها مجرد ورقة ضغط عابرة ضمن لعبة المصالح الدولية؟

ماسين كيفن العبيدي

Pin It on Pinterest