حرب العراق إلى أين؟
خلال الهجوم الّذي نفذه الجيش الأمريكي و الجيش العراقي بأغلبيته الشّيعية على مدينة تلعفر في العراق بالقرب من الحدود السّورية ، كنت أشاهد قناة الجّزيرة الإخبارية الشّهيرة و رأيت الجّنود العراقيين الشيعة يلطمون قبل شن هجومهم مردّدين هتافات شيعيّة و يضربون صدورهم كما لو كانوا سيهاجمون جيش يزيد ، قاتل إمامهم الثّالث ” الحسين” في كربلاء.
بمجرد أن رأيت هذا ، لم يكن بإمكاني إلا أن أتخيل الأسوأ و رد فعل أهل السّنة ، خاصّة من مجموعة “الزّرقاوي” السّلفية . إنّ ما شاهدته على قناة الجّزيرة كان استفزازًا واضحًا من طرف الجّيش العراقي الّذي يجب أن يكون محايداً ، و بالتّالي لا يجب أن يردد شعاراتٍ طائفيّة و دينية في مثل هذا الهجوم.
لا أدري إذا كنت قد فهمت ما قصدته ولكن حتى تتمكن من رؤية المشهد جيدًا ، تخيّل أنك ترى جنود الأمريكيين ، قبل تنفيذ هجوم على هذه المدينة ، يقومون بقراءة الإنجيل كما لو كانوا في زمن الحروب الصّليبية … حسناً، ألن يصدمك ذلك؟ طبعا نعم ، لأن الهجوم على مدينة تلعفر يفترض أن يكون هجوماً على معقل الإرهابيين وليس ضد السّنة ، فلماذا كل هذا المشهد وهذه المظاهرة من جانب الشّيعة الذين أثاروا أهل السنة!
أجّج هذا بعد يومين الكراهية ضد المدنيين الشيعة في جميع أنحاء العراق ، تم ضرب المساجد و كذلك مراقد الأئمة ، وأسفرت هذه المذبحة عن مقتل 200 شخص تقريبًا ، و لم تتوقف عند هذا الحد لأن الزّرقاوي نفسه شنّ حرباً عامّة لا ترحم ضد الشّيعة الّذين يعتبرون مرتدين ، و أيضاً ضدّ الأمريكيين وجميع حلفائهم … وهذه المواجهة لا تزال مستمرة منذ يوم (الجمعة 16 سبتمبر 2005) دعت الحكومة الشيعية إلى اتحاد الشّيعة ليكونوا في مواجهة إرهاب الزّرقاوي و من معه. ودعا المتحدّث باسم الصدر إلى الانتقام للشّيعة القتلى.
أتساءل عمّا إذا كنّا على حافة حرب طائفية في العراق بين الشّيعة و السّنة ، حيث إذا سعى كلاهما لتسوية حساباتهما وإيقاظ ضغائن الماضي خاصة أن الشّيعة يدركون جيداً الخطر الذي يهددهم و الذي يستهدفهم مباشرةً حتى لا يجلسوا مكتوفي الأيدي ولن يتركوها وسوف ينتقمون ضدّ السّلفيين وجهاديي الزّرقاوي و عصابته. في هذه اللّحظة أخشى أن تدور حربٌ طائفية و يتدفق الكثير من الدّم العراقي.
هنا يأتي دور الزّعماء الدّينيين السّنة الّذين يتوجّب عليهم أن يتحركوا بسرعة ويدينوا هذا المجرم الزّرقاوي حتى لا يقع العراق في حمام دمٍ لا نهاية له ، فهو لا يفعل شيئًا على الإطلاق لخدمة مصالح العراقيين الّذين عانوا من جميع أنواع الفظائع منذ عهد صدام وحتى اليوم تحت الاحتلال الأمريكي غير المبرر. يجب أن تتمتّع هذه الدولة باستقلالها المطلق.

إنّ الاضطراب الذي يواجهه العراق من الاحتلال الأمريكي يتزايد يوما بعد يوم ، وهذا يمثل خطراً على المنطقة بأسرها.
أصدقائي الأعزاء ، لقد رأينا التّحالف الوهابي السّني في أفغانستان ضدّ الاتحاد السّوفياتي الشّيوعي السّابق و الشيعة الأفغان الّذين فروا إلى إيران ، وقد رأينا أين انتهى هذا التّحالف ، من خلال إنشاء جيشٍ منظم جيدًا من الإرهابيين الإسلاميين الذين يضربون في كل مكان دون أي ضمير . حسنًا إذا لم تكن تعلم ، فنحن اليوم نعيش تحالفًا استبداديًا شيعيًا كرديًا جديدًا في العراق ضدّ حلفاء أمريكا القدامى السّلفين السنية.
لا أعرف ما إذا كنت تدرك ما يخفيه المستقبل عنا ، لكني أريد أن أقول إن أمريكا وأوروبا لا تحلمان كثيرًا بالسيطرة على العالم. إذا كانوا يعتقدون أنهم سينتهون بشبكة القاعدة كما انتهوا باتحاد الجّمهوريات الاشتراكية السّوفياتية من قبل ، وأنا أضمن لكم أن ذلك ليس غداً.
سيرون ولادة قوّة لا تزال أخطر بألف مرة من تنظيم القاعدة أو السلفيين الوهابيين ، هذه القوّة يتم بناؤها وهذا ما يسمى أكبر جيش للمخلّص المهدي ، و صدّقوني أنّها لن تفعل ذلك. إذ لن يكون من السّهل بعد ذلك إيقاف هذه القوّة لأنها تنمو و هي أكثر تنظيماً وتخضع جيداً لقادتها الدّينيين.
ما يحدث في العراق يخيفني بصدق ، ولهذا السّبب أطلقت صرخة التّنبيه هذه لجميع العقول الحرة لأرى ما تفعله أمريكا وحلفاؤها في الوقت الحاضر و ماذا يخططون ضدّ مستقبل البشريّة.
إذا لم يتحدّث أحد في الوقت الّذي كانت فيه أمريكا تغذي شبكة القاعدة في الماضي ، فإنني اليوم أصرخ بصوتٍ عال و واضح ما تفعله الولايات المتحدة بعد جهلها للإسلام والعالم الإسلامي. أنا لم أر قط حكومة غبيّة مثل حكومة بوش، فمن الخطأ إذا اعتقدت أنها يمكن أن تعطي الثّقة للشّيعة، حتّى أولئك الّذين في الحكومة، فمن المحتمل أن تنسى أنّ الشّيعة أذكى ألف مرة أكثر ممّا يظهرون بالفعل، وهم أكثر تنظيماً من السّنة ويعرفون جيداً كيف لا يلاحظهم أحد ويعملون بسلاسةٍ وسريّة.
لديهم خبرةٌ طويلة في هذا المجال والتّاريخ يثبت ذلك .لذا أنصح بأن تفتحوا عيونكم أيّها الأصدقاء الأعزاء وقبل كل شيء لا تتوقفوا عن إدانة ما تفعله أمريكا في المستقبل لأنّه خطر جداً .
آمل أن أكون قد فعلت واجبي في شجب هذه السّياسة. الآن جميعنا مخدرون ، دعنا نجد حلًا حقيقيًا لمشكلة العالم الإسلامي هذه ، ولكن بدعم الأصوات الحرة بدلاً من اتباع هؤلاء الذين يسمّون بالمسلمين المعتدلين، و الذين يستخدمون السّياسة فقط لتحقيق أهدافهم . مؤسف الّا ينتبه أحد لما يحصل و المستقبل كفيلٌ ليوضح لنا الأمور. على كل حال لا أتصور أن الوضع سيكون للأفضل لو واصلت الأمم المتحدة و الدّول العظمى الّلعب بالنّار.
0 تعليق