المصير، إذا أردت!

يُعرف المصير في اللغة العربية بـ “المصير”، وهو أحد المفاهيم الأساسية التي تؤثر في حياة الأفراد والمجتمعات. الجميع، بدرجات متفاوتة، يؤمنون بأن المصير يوجه حياتنا ويحدد كل ما يحدث لنا. لكن السؤال الذي يتردد دائمًا هو: هل يوجد مصير حقًا؟ ما هو المصير؟ هل يمكن تغييره؟ وكيف؟

كغيري، طرحت هذه الأسئلة، وبحثت عن إجابة تُرضيني وتكون ذات فائدة لمن حولي. من خلال تجربتي، أؤمن بما يُسمى بالمصير؛ لا يمكنني إنكار وجوده، لأنني أعيشه وأراه يتجلى في حياتي كل يوم.

لكنني لا أؤمن بحدوث الأمور بعشوائية محضة؛ فالعشوائية، في نظري، ليست إلا تسلسلًا منطقيًا للأحداث بناءً على ظروف تتوالى عبر الزمن والمكان. في الواقع، قد لا ندرك المصير إلا بعد مرور الوقت، حين نستوعب كيف تضافرت العوامل لتؤدي بنا إلى الحظ الجيد أو السيئ، وفقًا لما نسميه “مصيرنا”.

هل المصير مجرد صدفة؟

أنا لا أؤمن بأن شيئًا يحدث بلا مقدمات؛ فكل بداية لها جذورها، باستثناء “العدم”، الذي لا يستطيع العقل تصوره. بالنسبة لي، العدم غير موجود، لأن إدراكي يقتصر على ما هو ملموس وموجود بالفعل.

فإذا كان هناك شيء يحيط بالأشياء ويؤثر فيها، فمن غير المنطقي أن يكون ظهوره بلا سبب. فإذا مت اليوم، فهذا ليس بسبب “المصير” كما يُقال عادة، وإنما هو نتيجة للظروف التي أدت إلى وفاتي اليوم وليس غدًا.

المصير ليس قوة خارقة، بل هو أنت

إذًا، المصير موجود، لكنه ليس الله، ولا قوة خارقة تتحكم بنا. بل يمكن القول إن المصير ينبع منّا نحن؛ نحن ما نستحق أن نكونه، وما نختار أن نصبح عليه. في الحقيقة، لا يوجد مصدر وحيد للمصير، بل هناك عدد لا نهائي من العوامل التي تتشابك لتحدد حياتنا:

🔹 قد يجمعني المصير بشخص معين، لكنني لا ألتقي به في الواقع لأن حالتي الذهنية أو مزاجي لا يسمحان بذلك.
🔹 قد أكون على وشك تحقيق شيء عظيم، لكنني أتراجع بسبب خوفي أو عدم استعدادي.

نحن شركاء في تحقيق مصيرنا أو عرقلته، ونحن المسؤولون عن قراراتنا واختياراتنا.

هل يمكننا التأثير على مصيرنا؟

اليوم، لا يسعنا سوى استيعاب مصيرنا عبر تحليل ما يحدث لنا بعمق.
يجب علينا أن نتأمل حياتنا من وقت لآخر، لنتوقع ما قد يحدث لنا، وما الذي يخفيه لنا المصير. إذا عملنا بوعي كافٍ مسبقًا، فيمكننا التأثير على مصيرنا:

قد نتجنب الأسوأ من خلال اتخاذ قرارات صائبة في الوقت المناسب.
وقد نسرّع الوصول إلى الأفضل إذا عرفنا كيف نستغل الفرص المتاحة لنا.

لكن… هل هناك “أفضل” حقًا؟ أم أن المصير مجرد سلسلة من الأحداث التي نمنحها معنى لاحقًا؟


أقوال حول المصير

“الرجل ذو الحس الفكاهي لا يتعرض أبدًا لأي ضربة مباشرة، لأنه لا يظهر بوجهه الكامل، بل يكون متحفظًا بعض الشيء، مما يجعله غير موجود تمامًا على مسار المصير.”
جان دوتورد، “السعادة وأفكار أخرى” (1980)

جان دوتورد، في محاولة منه لتبسيط مفهوم المصير، شبهه بالسرد الذي تقدمه شخصية Gossip Girl، حيث قال:

“نحن من نستدعي ما يحدث لنا، ثم نطلق عليه اسم المصير. ما هو أسهل من اختيار طريق زلق والادعاء بأننا كُتب لنا أن نكون فيه؟”

الخاتمة

المصير ليس قدَرًا محتوما لا يمكن تغييره، بل هو النتيجة المباشرة لاختياراتنا وتصرفاتنا. صحيح أننا لا نتحكم في كل الظروف، لكننا نتحكم في طريقة استجابتنا لها. إذا وعينا أفعالنا ومساراتنا، يمكننا إعادة تشكيل مصيرنا وفقًا لما نطمح إليه.

فهل تريد حقًا معرفة مصيرك؟
انظر إلى قراراتك اليوم، وستجد الإجابة غدًا.

يمكنك القراءة أيضًايَا أُخْتَ هَارُونَ في القرآن

Pin It on Pinterest