الأسلوب الذي اتبعه في الغنوصية
من حق أيّ إنسان مهما كان أن يعتبرني ما يريد ،كما أن من حقّي أن أعتبر نفسي ما أريد. من الصّعب بالنسبة لي أن أُعبّر على حقيقة ما أُحس وأنا أتكلّم في هذه الفيديوهات على هذه القناة ،ولكن يمكن أن أعبّر بذلك بكلمة واحدة وهي أنّني مجرّد محدّثٍ. محدثٌ عن معرفةٍ عرفتها وتجربةٍ عشتها لا أكثر و لا أقل. كلمة محدّث أميل إليها وأرتاح إليها أكثر من كلمة معلّم وأستاذ ومرشد وعالم ودكتور وشيخ وغيرها من الأسماء والألقاب التي شُوّهت مع الأسف وفقدت قيمتها المعنويّة لعلّها في يومٍ من الأيام تعود لها حقيقتها الفعليّة.
إذاً أنا في هذه القناة بالنسبة لي لا أُعلِّم إلّا من يريد أن يتعلّم ،ولا أُرشد إلّا من هو يرشد نفسه ،ولا أنا مسؤولٌ عن أحدٍ فيكم. كلّ واحدٍ فيكم مسؤولٌ عن نفسه. أنا مسؤولٌ عن نفسي في نقل المعلومة أصدق شيء ممكن. أنا مجرّد محدّث أتكلّم في ما أعرف وما خابرت بنفسي وأُجيب على الأسئلة على حسب قناعتي ولكم الحق أن تتفقوا أو تخالفوا أو تعدّلوا إيجابتي أو تنقصوا منها أو تضيفوا عليها حتى تصبح الفكرة تتوافق مع طبعكم الخاص ،وتصبح الفكرة فكرتكم.
إذاً أنا لا أُقدّم لكم معرفةً جاهزة للاستعمال. أنا أُقدّم لكم معرفةً خام قابلةً للتّشكُّل والتحوّل والتّطور. لو أردت أن أضرب مثل؛ أنا لا أقدّم لكم أواني فخارية ولا أصنام ولا أشكال وإنّما أُقدّم لكم طيناً مصلصلاً.
نعم أنا لا أعرفكم بالكلام وإنّما أُعرّفكم بالحروف والكلمات و كما يُقال أنا لا أُقدّم لكم سمك ولا أقدم لكم أدوات صيد السمك وإنّما أُعرفكم كيف تصطادون السمك لو كانت لديكم الأدوات و لو كان هناك سمك. إذاً فكرة الباب والواجهة الذي يجب الدّخول منها لتعلّم الغنوصيّة لا أومن بها ولا أُطبّقها ،وفكرة الألقاب والأسلوب التّقليدي لا أومن به ،وفكرة الهرميّة والسّريّة لا أومن به و إنّما ما أومن به هو شيءٌ واحد وهو التّدرّج الطبيعي لأنّنا موجودون داخل منظومةٍ كونيّة يحكمها المكان ويحكمها الزّمان ،فلهذا يُعتبر الزّمان جدّاً مهم وعامل كبير جدّاً للمعرفة ،فلهذا أقول :لا تتسرع. المعرفة تحصل عليها تدريجيّاً ،واعلم أنّه مهما كان عمرك يمكن أن تتعلّم الغنوصيّة.
من عمر 7سنوات إلى آخر العمر. قبل هذا العمر الشّخص لا يمكن له الاختيار هذا بالنسبة للذي يريد التّعلم ،أمّا بالنّسبة للمعلم هناك عمرين؛ عمر من 28 سنة إلى 35 سنة يمكن للمعلّم أن يُعلّم -لو ولد على الغنوصية وتعلّم الغنوصية من صغر ولكن لا يحق له أم يُعلن دين أو مذهب أو إيديولوجية للاتباع وإلّا سوف يموت. أمّا العمر الثّاني الذي يمكن للشّخص أن يُعلّم هو 42 سنة إلى 49 سنة وفي هذا العمر له الحق أن يُعلن مذهباً أو دين للاتباع. أمّا بعد هذا العمر أي 49 سنة له الحق أن يفعل ما يريد على حسب ما توصّل إليه من حس وعلى حسب معرفته وتجربته.
له الحق أن يصمت ويبقى مجهولاً و يحتفظ بمعرفته لنفسه. له الحق أن يصمت عن الجميع إلّا من يختار أو من الأقارب. له الحق أن يعلن عن مذهبٍ أو دين أو مدرسة أو حركة أو إيديولوجية توافق العصر ولها أتباع أي أنّه يصبح عبارةً على مرشدٍ أو زعيم لفكرٍ جديد، مثلما فعل غاندي في الهند وهذا الأسلوب نجده كثيراً في الهند و الشّرق الأقصى ،بينما في الشرق الأوسط وأوروبا الغنوصيون يتبعون الأسلوب الإبراهيمي.
حيث الغنوصي عندما يريد أن يخلق ديناً أو مذهب أو حركة أو أي شيءٍ آخر لا يقوم به بنفسه ويبقى هو مجهول وبعيد كليّاً وإنّما يكلّف شخصاً أو مجموعةً يكون مسيطراً عليهم كليّاً يطبقون بالحرف ما يقول وفي الغالب الأشخاص الذين يتمّ اختيارهم لهم مواصفات خاصّة جدًاً أهمّها؛ فقراء، منبوذين، مهمشين، وليس لهم شخصيّة ومواصفاتٌ أخرى كثيرةٌ جدّاً تجعلهم بعيدين عن المجتمع ويتم إعادة صنعهم للجعل منهم قيادة أو نبي أو رسول أو شيئاً آخر.
طبعاً كما تعلمون أنا من هذه المدرسة أي ما يسمّى المدرسة الإبراهيمية. إذاً كان بإمكاني أن أبقى مخفي و أبحث على إنسانٍ أو مجموعة فيهم المواصفات المطلوبة وأجعل منه أو منهم مغيرين بفكرٍ جديد أو حركة جديدة تُطرح على السّاحة ،مثل مثلاً فكرة “الإيمان الإلحادي” الذي هو معتقدي الشّخصي ،و لا أكذب عليكم قُمت بهذه التّجربة لمدّة سنوات كثيرة ثمّ توقفت كليّاً لأني وجدت نفسي أتّبع الأسلوب التّقليدي، فتوقفت و صمت مدّةً طويلةً من الزّمن وعُدت تدريجياً إلى الحديث عن الغنوصيّة إلى أن وصلت إلى الآن بهذا الأسلوب الجديد.
الجديد للعامة لكنه موجود داخل الغنوصيّة. يقول الغنوصيون أن هذا الأسلوب لم يحن وقته بعد. أنا لا أعتقد ذلك ولا أومن أن الوقت لم يحن بعد ،بالعكس أرى أن الوقت مناسبٌ جداً إن لم أقل متأخرٌ قليلاً ،ويجب الجرأة والحديث بكل صراحة دون حجب ومن فهم فقد فهم ،ومن لم يفهم سوف يفهم ،و من لن يفهم سوف لن يفهم.
إذاً قبل أن أختم هذه الفيديو بالتّعريف عن أسلوبي رغم أنّه أصبح واضحاً لديكم الآن ،أريد أن أذكر نقطةً جداً مهمّة يؤمن بها الغنوصيون عامّة وهي إن الإنسان مطلوب منهم خيارين لا ثالث لهما للخلاص والسلام :الخيار الأول أن يصل إلى المعرفة بنفسه وعندما يصل إليها له عدّة خيارات التي ذكرناها ومنها خيار أن يعلن دين أو مذهب أو فكرة جديدة مهما كانت تكون تقوم على لبّ الغنوصية، ولكن مغلفة بتغليفة يمكن تسويقها للعامّة .أمّا الخيار الثاني أن تتبع المعرفة المغلفة التي قدّمها لك أحد الغنوصيون.
غير مطلوب منك أن تعرف اللّب و إنّما تطبّق ما قال لك بالحرف في الأمور الضرورية طبعاً ،وأكيد كل غنوصي يطرح إيديولوجية أو دين يترك جانباً من الحريّة للشّخص أن يتصرّف كما يريد. أنا أتكلّم في الأمور الأساسيّة التي يجب اتباعها لكي تكون تابعاً لذلك الغنوصي وتحصل على الخلاص الذي حصل عليه بدون أن تكون لديك المعرفة التي لديه ؛هذه الفكرة “خلاص الأتباع بخلاص القطب” سوف نتكلم عنها في المستقبل بالتفاصيل وبالنقد.
ولكن الذي أردت أن أقوله هنا هو في وسط نفس هذه الفكرة هناك فكرة أخرى يخفيها الكثيرون أو لم يتم التّركيز عليها ولم يتم الانتباه إليها وهي إن المريد أو المؤمن أو المتبع للغنوصي الذي أوجد هذه الإيديولوجية أو الفكرة الجديدة التي تحمل باطن الغنوصيّة نتيجة معرفته بالمعارف الغنوصيّة أولاً ومعرفته بزمانه الذي هو موجود فيه. إذاً هو عارفٌ بزمانه و ما يتطلبه زمانه ،وعارفٌ بقومه وشعبه وما يريدون فيقدم لهم شيئاً على حسب العلم الغنوصي الباطني يجعلهم يتطورون ويتقدمون نحو الأمام، ويحصلون على الخلاص والسلام عندما يتعبون ما قدمه لهم هذا الغنوصي العارف بمتطلباتهم، ولكن بشرط أن يكون هذا الغنوصي معاصراً لهم وليس غنوصي قد مات.
طبعاً عندما تتبع دين أو مذهب أو إيديولوجية لغنوصي حي يمكن البقاء على ذلك المذهب حتى وإن مات الغنوصي إلى أن تموت، ولكن عندما يموت الغنوصي لا يجب أن يكون له أتباع جدد ؛أي لا يكون هناك خلاص وأمان لو تتبع إيديولوجية أو دين أو مذهب غنوصي قد مات. هذه القاعدة جداً مهمة نفهم منها أن اتباع أي دين، أي إيدلوجية ،أي مذهب ,أي حركة كانت في الماضي فهي ضياعٌ في ضياع و تضييع للوقت ،وسوف لا تحصل على شيء إلّا التبعيّة و الهوان.
إذاً وصلنا إلى آخر الفيديو. أسلوبي سوف مباشراً بلا لفٍ و لا دوران. أسلوبي قد يكون جاد للكثيرين لأنه خام ،أسلوبي قد يكون صعب الهضم لبعض العقول المحصورة في العالم المادي ولا تنظر إلّا للخارج و لا تحاول النّظر للدّاخل ،أسلوبي قد يكون صادماً لبعض القلوب الضعيفة ،وقد يكون مقلق لبعض النفوس المشكّكة .أسلوبي قد يكون تافهاً لبعض المتكبرين وقد يكون غير مشوّقٍ لبعض الحماسيين لأن ليس فيه إثارة وأكشن ،ولكن ما هو أكيد أن أسلوبي يقوم على القواعد الغنوصيّة التي تسعى إلى تطوّر البشريّة وتقدمها نحو الأمام. الغنوصيّة جُعلت لكي تفسّر المجهول من المعلوم لفهم العدم من الوجود.
الغنوصية تؤمن أن كل ما هو غامضٌ سوف يأتي يومٌ يصبح واضحاً. الغنوصية تؤمن أن المعرفة من حق الجميع. الغنوصية تعطيك أجوبة موافقة للعصر وللتطور العلمي الذي وصلت إليه البشريّة. الغنوصيّة تساعدك ألّا تعيش الغربة في هذا الوجود ،فهي حافزٌ نفسي قوي جداً يعطيك رغبة في الحياة ويخلق لك مهمة في الوجود .الغنوصية تجعلنا نستمر إلى الآخر ،وما بعد الآخر. هذه هي مهمّة الغنوصيّة وسوف نحاول اتباع هذه القواعد في هذه القناة.
شكراً لكم على الاستماع. شكراً لكم على التّشجيع. شكراً لكم على التّوزيع . ومع فيديو قادم وبالسّلامة.