fbpx

لماذا من الصعب مقاضاة راشد الغنوشي؟

لماذا من الصعب مقاضاة راشد الغنوشي وعصابته؟

هل تعلم لماذا لا يستطيع قيس سعيّد والقضاء التونسي محاكمة راشد الغنوشي وعصابته على جرائمهم في حق تونس على مدى نصف قرن؟ لأن هذه الجرائم تصنف تحت قائمة الجرائم السياسية، وكما يعلم الجميع، تختلف جرائم السياسية عن الجرائم العادية. قد يرتكب الأشخاص العاديون جرائم قتل تؤدي بهم إلى الإعدام، بينما قد يرتكب السياسيّون جرائم قتل وتشريد وتجويع شعوب بأكملها على مدى عقود دون أن يعاقبوا إلا بوساطة سلطة أخرى وبموجب قوانين أخرى، وربما يكون أقصى عقاب يواجهونه هو الإعدام، السجن المؤبد، الإقامة الجبرية، أو النفي.

نعود لسؤالنا، ما هو العائق الذي يجعل قيس سعيد والقضاء التونسي يراوغ في محاكمة راشد الغنوشي وأعضاء حزب النهضة؟ وما الذي يجعله يوجه لهم تهم أخرى غير التهم الحقيقية؟

‎الغنوشي وحزبه وأيضًا الكثير من الشخصيات السياسية والأحزاب الأخرى في المعارضة أو في السلطة على مدى شمال إفريقيا والشرق الأوسط يعتبرون انتهازيين، حيث يفكرون فقط في مصالحهم الشخصية ومصالح أحزابهم وأنصارهم، دون أن يهتموا بالوطن ومستقبله وينظرون إلى الشعوب نظرة فوقية بدلاً من خدمتها والنهوض بها، فهم يعتبرون الشعب غير قادر على التطور، ولا يمكن الإعتماد عليه والعكس صحيح.

دائماً ما نلاحظ أن الطبقة السياسية والمثقفة في واد والشعب في واد آخر، كل طرف لا يثق بالآخر، وبالتالي يلجؤون إلى الخارج شرقاً وغرباً للحصول على الدعم اللازم لحكم هذه الشعوب. وبالطبع، الدعم الخارجي ليس نابعًا من حبهم لشعوبنا ولا يصب في مصلحتنا، وإنما يستغل لتحقيق أجندتهم ومصالحهم الخاصة؛ وهذا من حقهم بالتأكيد. والنتيجة من كل ذلك هو أن أوطاننا تجد نفسها غارقةً في الدمار والتخلف، بعيدة عن الرقي والتحضر، فهي بلدان تحت مستوى الصفر تسيطر عليها دول أجنبية اقتصاديًا وسياسيًا…

هؤلاء السياسيين لا يمكن محاكمتهم، بسبب المعلومات والأسرار التي يمتلكونها والتي يمكن أن تكشف عن أفعال سياسيين آخرين في الخارج لهم حصانة ونفوذ، الذين يدعّون أنهم مدافعون عن الحرية والديمقراطية على الرغم من قذارتهم وجرائمهم ضد شعوب المنطقة والعالم الثالث، بدءًا من نهب الثروات إلى تأجيج الحروب الداخلية والخارجية وعرقلة التقدم… يرغب هؤلاء السياسيين الشرقيين والغربيين بأن نبقى نحن العالم الثالث في حالة عجز وضعف، وأن نكون مجرد عبيد نخدم سادة العالم، وننفذ خططهم الخاصة بتدمير بلداننا وتفقير شعوبنا، وبناء بلدانهم وغنى شعوبهم.

راشد الغنوشي وعصابته هؤلاء هم الذين تمكنوا من الوصول إلى السلطة بدعم وتدخل من قوى خارجية لخدمة مصلحتهم الخاصة. هل تعتقد حقًا أن هناك ثورة قد حدثت في تونس؟ فأنت واهم. هل تتصور أن حزب النهضة وصل إلى السلطة بفضل جهوده وشعبيته الحقيقية؟ فأنت واهم. مثله مثل، حزب الدعوة وأحمد الجلبي في العراق دخلوا بمعونة دبابة أمريكية. راشد الغنوشي وعصابته دخلوا عن طريق انقلاب مدبر. بن علي وبورقيبة لم يكونوا ملائكة، لكنهم ليسوا شياطين أيضًا مثل راشد الغنوشي.إبليس تونس هو راشد الغنوشي وكل من حوله شياطين، ولا يخالف هذه الحقيقة إلا أنصاره. هدفهم تدمير تونس مهما كان توجهم السياسي الأيديولوجي.

من البداية، كانت مهمة راشد الغنوشي هي منع أي تقدم أو تطور في تونس. حارب الحداثة والحرية، وعمل جاهدًا على تدمير التقدم والتحضر في البلاد. وبعد تمكنه من الوصول إلى السلطة وتربعه عليها مدة عشر سنوات، استمر في جهوده لتدمير تونس، بالإضافة إلى ليبيا ومصر واليمن وسوريا… نشر الفوضى والإرهاب، وارتكب الجرائم، ودمر الاقتصاد وشتت الأحزاب، وحاول تهديم مؤسسات الدولة ولا سيما الأمنية التي بناها بورقيبة وحافظ عليها بن علي على الرغم من مساوئه العديدة. وصلت جرائم راشد الغنوشي إلى حدود غير مسبوقة في تدمير وتخريب تونس.

الآن انتهى دورهم التدميري، تمامًا مثل غيرهم من الأشخاص الذين تم استعمالهم ومن ثم التخلص منهم ورميهم في مزبلة التاريخ. يمكن أن يتعرض هؤلاء المرتزقة للقتل، أو أن يتم محاكمتهم على نحو سطحي وظاهري، أو حتى نفيهم. المهم هو إسكاتهم، ولن يتم محاكمتهم بطريقة عادلة وحقيقية. فالمحاكمة الفعلية، ولا سيما إذا كانت علنية، ستكشف الوجه الحقيقي لأولئك الذين يديرونهم من الخارج، ويسيطرون على العالم. إنهم يرغبون في زيادة نفوذهم وثروتهم على حساب زيادة الفقر وتهميش الآخرين.

محاكمة الغنوشي وعصابته في تونس لن تحصل أبدًا إلا في ظل حكومة وطنية فعلية، كما أن محاكمة بن علي لم تقع في عهد النهضة والترويكا لأنها حكومة تدار من الخارج، وكذلك لن تقع محاكمة راشد الغنوشي والنهضة في تونس في عهد قيس سعيد، لأن قيس سعيد رغم اختلافه مع النهضة وراشد الغنوشي فهو يحمل نفس العقلية ويتفق معه في تخريب تونس وتدميرها حتى لا تكون دولة حرة مستقلة.

لهذا يلقى الدعم من بعض الجهات السياسية الأجنبية حتى يواصل في التخريب وقمع الحريات وتدمير الاقتصاد التونسي قدر المستطاع، إلى درجة يصل بها الشعب التونسي إلى طريق مسدود لا يأمل في التغيير إلا على المستوى الفردي والعائلي بالهروب من تونس بأي طريقة، وأن كان موته خيراً له من هذه الحياة البائسة، وهي الموت بعينه.

قيس سعيد هو الغبي الذي جاء للسلطة على طبق من ذهب، من السهل التحكم فيه عن طريق الضغوطات المالية والتحالفات السياسية الغير المتوازنة، من أجل تخريب تونس أكثر وأكثر عن طريق دستور متخلف يشبه عقليته، وتكريس الديكتاتورية المدمرة ومنع الحريات وزج بالصحفيين والمدونين في السجون وزج أيضًا ببعض عناصر من النهضة والموالين لها تحت تهم واهية، يكسب بها بعض الشعبية من طرف الأغبياء الجهلة الذين يحملون نفس عقليته أو الناقمين على النهضة لحسابات سياسية أو شخصية.. وفي الوقت نفسه لا يغضب أسياده الذين يرمون له بعض فتات الخبز لكي يواصل في تدمير تونس على جميع المستويات.

قيس سعيد رغم خطاباته العاطفية ووعوده الكاذبة التي لا يتأثر بها إلا أصحاب الأفكار البسيطة. لا يمكن له أن يتجرأ على سادته الذين قاموا بتثبيته في الحكم. ولن يتجرأ أيضًا على محاكمة النهضة محاكمة حقيقية وعلنية. كما لا يستطيع الإعلان بكل ثقة أن تونس دولة مستقلة ذات سيادة فعلية وعملية. ولا يحق له أن يمنع دفن التونسيين في إسرائيل، على الرغم من ادعائه في خطاباته أن التطبيع جريمة يعاقب عليها القانون. بالإضافة إلى ذلك، لا يمكنه منع الإسرائيليين من زيارة تونس. ولا يمكنه الاستغناء عن الصدقات التي يتلقاها من الدول الأجنبية، ولا عن القروض المهينة التي يريد الحصول عليها من البنك الدولي.

قيس سعيد جاء لحكم تونس لكي يكمل قبر الحريات، ليس في تونس فقط، بل في كل شمال إفريقيا والشرق الأوسط. قيس سعيد مهمته تحطيم الأمل وإلقاء السمع والطاعة. جاء ليعلن أن دولنا غير قادرة على النهوض والحكم بذاتها. وغير قادرة على أن تكون دولًا ذات سيادة. هذه هي مهمة قيس سعيد الأولى والأخيرة. ولكن هل ستتحقق؟ بالتأكيد لا، لم تحقق ولن تحقق.

السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل ما يحدث في تونس هو فعلاً ” اشتدي يا أزمة تنفرجي ” كما يشاع؟ هل قيس سعيد هو آخر كابوس يمر على تونس بعد أكثر من ستين سنة من الاستقلال العسكري الشكلي عن فرنسا؟ وهل سيتم محاكمة قيس سعيد على الجرائم التي ارتكبها في حق تونس، سواء بتوجيه أو ضغط مباشر أو غير مباشر من الخارج أو بسبب غبائه وجهله وعقليته المتحجرة؟

عندما تتمكن الحكومة والدولة في تونس من محاكمة المرتزقة بوضوح وشفافية، وتضع دستورًا إنسانيًا ومتحضرًا يقوم على مبدأ المواطنة وحقوق المواطن ومدنية الدولة بمعناها الحقيقي، يمكننا القول إن تونس تسلك الطريق الصحيح. ولكن في الوقت الحالي، للأسف.. الوضع يتدهور من سيئ إلى أسوأ، وكل فرد يفكر الآن في كيفية الهروب من البلاد بأي وسيلة ممكنة، وأولئك الذين يعيشون في الخارج لا يرغبون في العودة إليها.لذا، فلننتظر، ونرى ما سيحدث في السنوات القادمة. ومع ذلك، يجب أن نقول لمن يأمل خيراً في قيس سعيد، إن قيس سعيد هو جزء من نفس بؤرة الخراب والفساد التي تهدد تونس، والتي لا تسعى لتحقيق الخير والحرية والتقدم والتحضر، ولا تهتم بمواكبة ركب الحضارة الإنسانية.

في الختام، أود أن أعبر عن عدم اعتقادي في فكر المؤامرة وفي أن الغرب يتآمر علينا. بالنسبة لي، هذه الفكرة هي شماعة نعلق عليها خيبة أملنا. الحقيقة هي أن الغرب لا يتآمر ولا يفكر في التآمر علينا. أولاً، لأنه ليس في حاجة لذلك، بل يكفي أننا نتآمر على بعضنا. ثانيًا، نحن لا نمتلك القوة ولا نشكل أي تهديد عليه بحيث يتآمر علينا. بالنسبة لهم، نحن مجرد قطعة من لعبة الشطرنج يلعبون بها في خرائطهم الجيوسياسية. والحقيقة هي أن الغرب لا يفكر فينا، بل يفكر في مصالحهم ومصالح شعوبهم فقط. ومن مصلحتهم أن نظل على ما نحن عليه.

والأهم بالنسبة لهم هو ألا نستفيق من هذه الغيبوبة التاريخية التي نعيشها، مادام في داخل بلداننا أشخاص سياسيون ومثقفون يعملون على تخريبها ومنعها من التحضر باسم الدين أو القومية أو الأيديولوجيات المستوردة أو حتى الغباء المركب، كما يحدث مع قيس سعيد. 

ماسين كيفن العبيدي

1 تعليق

  1. بوطيب

    مقال تافه مغالط مصاحبه.

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

آخر المقالات …

Pin It on Pinterest

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية ولا تفوت الجديد!