لماذا أنا أكره إسرائيل؟
لماذا أكره إسرائيل؟ هل هناك من سأل نفسه ولو مرة هذا السؤال؟ الأكيد أنّ من سأل هذا السّؤال وجد ألف إجابة تؤكّد وتبرّر له، وأنّ كره إسرائيل شيء منطقي ولا يدعُ للشّك ولا للرّيبة، بل لا يمكن أن يكون هناك إنسان عاقل ولا يكره إسرائيل. إذاً فلنطرح بعض هذه الحجج الّتي تجعلك تكره إسرائيل:
اسرائيل تريد أن تبيد الشعب الفلسطيني: تريد ولم تبيد بل مجرد إرادة. أن تكره اسرائيل جميل، ولكن لماذا لم تكره أكثر إبادة الشّعب الاسترالي أو إبادة الهنود الحمر… يقول المنطق هنا أنه يتوجب عليك أن تكره البريطانيين واسبانيا والبرتغال أكثر من إسرائيل، فعندما تتعمق أكثر في التّاريخ تجد أن هناك الكثير ممن أبادوا أو أرادوا إبادة شعوب، وأوّلهم الإسلام الذي أباد اليهود والنّصارى وغيرهم في الجّزيرة العربية وكذلك السّودان الّذي يريد أن يبيد شعب دارفور، والأمثلة كثيرة إذا دققّت أكثر. إذاً لماذا لا تكره إلّا إسرائيل؟ إذاً هناك أسبابٌ أخرى غير الإبادة؟
اسرائيل احتلت أرضا غير أرضها: حسناً فالاحتلال ليس جيّد. لكن هل بالفعل احتلت أرضاً غير أرضها؟ نترك تلك الإجابة لبعد أن اسألك؛ لماذا لم تكره تركيا التي تحتل أكبر منطقة من أرض الأكراد وإيران الّتي تحتل مناطق ليست مناطقها أو اسبانيا الّتي تحتل جزر الكناري ومناطق في المغرب، ماذا عن فرنسا الّتي تحتل أراضٍ غير أراضيها وبريطانيا الّتي تحتل إيرلندا…. بل العرب المسلمين الذي احتلوا كثير من المناطق ومنهم شمال افريقيا …نفس الشيء الأمثلة كثيرة. إذا لماذا لا تكره سوى إسرائيل؟ إذا هناك سبب آخر غير الاحتلال؟
اسرائيل تقتل وتسجن الفلسطينيين: صحيح القتل والقمع والسجن أشياءٌ غير مستحبة تجعلنا نكره حكومةً أو دولة، ولكن لماذا لا تكره كل الدول العربية؟ سوف تقول أنّ في الدول العربية الحكام هم من يقومون بذلك. إذاً لماذا تكره حكام إسرائيل فقط، بل يشمل كرهك كل الشّعب والدّولة؟
للعلم أنّ حكامنا قتلوا وعذّبوا وسجنوا من الفلسطينيين أكثر مما فعلته إسرائيل منذ وجودها، ولن أذكر أكثر ما فعله حكام المنطقة بشعوبهم. إذا لماذا كرهك متوقفٌ على إسرائيل؟ إذاً هناك سببٌ آخر غير القتل والقمع والسّجن؟
لأنّ هذه الأرض عربيةٌ ولا حق لليهود أن يجعلوها يهودية. فالمسألة هنا مسألة قوميّة وهويّة وتبديل هوية الأرض أمرٌ غير مقبول وشنيع. لكن من قبل الآخر اليهود أم العرب؟ المسلموناليهود هم الّذين كانوا أسبق على هذه الأرض وكانت لهم دولةٌ اسمها إسرائيل إذا منطقياً الأرض إسرائيلية وجاء العرب المسلمون وعرّبوها. الصّراع هنا بين قوميتين يهودية وعربية احتلت هذه الأرض وبدلت هويتها ولكن السّابقون هم اليهود أي الإسرائيليين، فلو قسنا بهذا المنطق لوجدنا أنّ للإسرائيليين الأسبقية والأحقيّة بهذه الأرض من العرب، ولأنّ ليس هناك من يطالب بعودة الأرض كنعانية كما كانت قبل العرب واليهود.
إنّ هذه البقعة من العالم كانت تحت سيطرة الكنعانيين قبل ألف سنة من الميلاد واستولى الشّعب اليهودي على جزءٍ من أرض كنعان وأقاموا دولة إسرائيل، ثمّ استولى عليها كثيرٌ من الشّعوب الأخرى إلى أن استولى عليها العرب باسم الإسلام وأصبحت لاحقاً جزءً من الإمبراطوريّة العثمانية طوال أربعة قرونٍ.
لقد ساعد العثمانيون اليهود وأعطوهم الكثير من الحقوق في تلك المنطقة، حتى أنّهم عفوهم من الكثير من الضّرائب بموافقة علماء الإسلام، وعرف اليهود ازدهاراً كبيراً أثناء الحكم العثماني وأخذوا يشجّعون يهود أوروبا على الهجرة إلى هذه الأرض. فتحت الدّولة العثمانيّة أيديها لليهود القادمين من أوروبا وبإمكانكم الرّجوع إلى التّاريخ لتعرف أنّ بايزيد الثّاني فتح ذراعيه لليهود المهاجرين قال: “… لا تعيدوا يهود إسبانيا واستقبلوهم بترحابٍ كبير ومن يفعل عكس ذلك ويعامل هؤلاء المهاجرين معاملة سيئةً أو يتسبب لهم بأي ضررٍ سيكون عقابه الموت…”
جاء هؤلاء اليهود إلى الأرض بواسطة السّفن الحربية العثمانية، وبعد الفترة الذّهبية التي عرفها اليهود انقلب عليهم العثمانيين وبدؤوا التّنكيل والتّعذيب بهم، ومن هنا هرب اليهود من الظّلم إلى أوروبا ووقع لهم ما وقع في أوروبا على يد هتلر ولهذا كرهوا أن لا يكون لهم وطن ككل الشّعوب، فعملوا جهدهم على تكوين إسرائيل ونجحوا في ذلك.
الآن لهم دولةٌ معترفٌ بها وبموافقة العرب على ذلك مقابل أن يكون لهم هم دولٌ بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية، ولكن العرب بعد ذلك دخلوا في صراع من أجل اسقاط هذه الدولة رغم أن هذه المنطقة كانت شبة جرداء وفيها يهود يعيشون أو كانوا يعيشون فيها وعادوا إليها، أمّا أغلب الفلسطينيين باعوا أراضيهم لليهود. صحيحٌ أنّ اليهود بعد ذلك استولوا على كثيرٍ من الأراضي بالقوّة وهم ليسوا الوحيدين الّذين قاموا بذلك. أصبحت المسألة قوميةً بين الشّعب اليهودي والشّعب العربي تتصارع على الأرض رغم أنّه لو كان الصّراع قومياً فالأحقية لليهود. إذاً لماذا تكره إسرائيل ولا تكره العرب. المسألة إذا ليست قضيةً قومية ولا هويّة وهناك سبب آخر؟
مسألة دين: نعم هذه هي الحقيقة كل المسألة دينيّة إنّ المسلمون لا يريدون دولةً يهودية في قلب العالم الإسلامي كما لم يرد محمد دولةً يهودية في المدينة أو حتى في الجّزيرة العربية. إذ قال قبل موته طهّروا جزيرة العرب من اليهود والنصارى، فالمسلمون يطبّقون قوله ويطهّرون المناطق الإسلامية أولا ثمّ العالم كلّه من اليهود والنصارى. الكره لإسرائيل وإرادة إبادتها والقضاء على كلّ يهود العالم هي في الأصل فكرة إسلامية 100% وتعرفون الحديث الّذي يقول:
“لا تقوم السّاعة حتى تقاتلوا اليهود حتى يقول الحجر وراءه يهودي : تعال يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله !” وفي لفظ مسلم: “لا تقوم السّاعة حتى تقاتلوا اليهود حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر والشّجر فيقول الحجر والشّجر:” يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله…”.
وأحاديث أخرى كثيرة تقول أنّ المسلمين سوف يقتلون الخنازير واليهود في الأرض حتى لا يبقَ منهم أحد. الكره يعود لعهد محمد لا أكثر ولا أقل والإسلام هو سبب هذا الكره.
أنا كملحدٍ أو لا ديني لماذا أكره إسرائيل؟ بل أنا كشمال إفريقي؛ لا عربي ولا مسلم لماذا أكره إسرائيل؟ هل إسرائيل احتلت ارضي؟ لا. هل قاتلنا اليهود؟ لا. هل منعونا عن لغتنا؟ لا. هل اضطهدونا وقمعونا وحبسونا وسرقوا أرضنا وهَودونا وجعلونا نتكلّم العبرية؟ لا. إذاً ما دخلنا في هذا الصّراع الذي لا يهمّنا؟ ومن هو عدونا الحقيقي؟ أليس العرب والمسلمون الّذين يريدون القضاء على كل الشّعوب والمعتقدات، أليس العرب المسلمون هم عدونا الفعلي؟ نعم هذه هي الحقيقة.
أختم هذا المقال بمقولة للقصيمي:
“إن الحكام العرب فرحون جداً بوجود إسرائيل مع لعنهم الدائم لها. إنّ وجود إسرائيل أضخم فرصة لهم لكي يشغلوا ويصرفوا مشاعر جماهيرهم لكي يبرروا أخطائهم وطغيانهم وكل أساليبهم العاجزة الغبيّة لكي يقولوا إذا قصّروا وعجزوا وسرقوا وطغوا؛ عذرنا أنّنا منشغلون بمقاومة خطر هذه الدّولة، وتصبح الخطب البليغة في لعنها للدولة اليهودية بطولةً وطنية وغذاء مقوي للشّعب وتسويقٍ لكلّ هوان وفقرٍ داخلي “صحراء بلا أبعاد””.
وتلّم كثيراً عن إسرائيل بموضوعيّة ولخّص ذلك في قوله: ليست إسرائيل كبيرة ولكن نحن أقزام. إسرائيل دولةٌ مثل أي دولة، بل هي أكثر تقدماً وتطوّراً من كل الدّول العربية الإسلامية بجهلهم وتخلفهم. وأنا كشمال إفريقي ليس لي أي عداء مع إسرائيل ولا غيرها ولا أكره إسرائيل، إنّما العدو الوحيد هو العروبيّة والإسلام. هذا ما توصلت إليه وهي وجهة نظري. وشكراً.
0 تعليق