حقوق الإنسان بين الحضور والنسيان
بعد الحرب العالمية الثانية وما وقع فيها من جرائم كادت تبيد الإنسانية، قررت منظمة الأمم المتحدة سياقة قانون عالمي اعتبرته ميثاق أُممي يحافظ على حقوق الإنسان كفرد ضمن المجموعة البشرية، بدأت صياغة نصوص هذا الميثاق في 10 ديسمبر من سنة 1948 في باريس واكتملت في عام 1966 ودخلت حيز التنفيذ في عام 1976م.
بعد قرابة نصف قرن من تنفيذ هذا الميثاق والذي يتكون من 30 بنداً يحمي الفرد وحقوقه. وهنا نتساءل عن مدى تطبيق هذا القانون سواء في الدول التي تعتبر راعية لهذا المشروع أو الدول التي صادقت على بنوده، طبعاً يجب أن نعلم أن هناك العديد من الدول التي لم تصادق على هذا الميثاق أو صادقت على بعض جوانبه ولم تصادق على البعض الآخر. كما أن هناك من صادق ولم يقم بتطبيق ما وجد في هذا الميثاق ومن بينهم الدول التي تدعي أنها المثلى في تطبيق حقوق الإنسان.
نحن نعلم أن أي قانون في هذا العالم وإن كان واضحاً، يمكن التلاعب به وتأويله على حسب المصالح والأهواء، ويمكن كذلك التغاضي والتهاون عنه ونسيانه عمداً عندما لا يخدم المصلحة ويتم تمكينه لغاية أو مصلحة وراء المناداة بتطبيقه والأمثلة كثيرة على ذلك.
خاصة من طرف الدول الغربية التي نجدها ترفع شعار عدم احترام حقوق الإنسان ضد الدول التي لا تعتبر حليفة لسياستها أو معادية لها وتتغاضى عن ذلك في الدول الموالية لها أو لها مصالح سياسية أو اقتصادية معها.
كما نشاهد الدول الغربية التي تدعي ريادة العالم فيما يخص مسائل الدفاع عن حقوق الإنسان؛ تشيد بحقوق الإنسان في العراق تحت حكم صدام خلال الحرب العراقية الإيرانية وذلك لأن صدام كان يخدم مصلحتهم في حربه ضد إيران، وما إن انتهت الحرب وتحول صدام إلى عدو لحلفاء الغرب في الخليج حتى رفع الغرب شعار انتهاك حقوق الإنسان في العراق.
الأمثلة على ذلك كثيره وأقربها حقوق الإنسان في دول الخليج البترولية وخاصة السعودية حيث لم يعترض الغرب أو يندد بانتهاك حقوق الإنسان على جميع الأصعدة، وطبعاً لا ننسى انتهاك حق الإنسان الفلسطيني من طرف إسرائيل والدول الغربية نفسها في عدة مناسبات دون خجل وحياء وهي التي تدعي أنها تدافع عن حقوق الإنسان.
في الحقيقة هي تدافع عن مصالحها الشخصية فقط تحت ذريعة حقوق الإنسان والشعارات الإنسانية الرنانة. الأمر أصبح واضحاً كوضوح الشمس خاصة بعد الحرب الروسية التي اشعلتها أمريكا كي تزج بالغرب والشرق في حرب لا طائل منها فقط لخدمة أطماعها التوسعية ورغبتها في تقزيم الدب الروسي، وها نحن الآن نشهد تداعيات هذه الحرب التي اثقلت كاهل الفرد في جميع أنحاء العالم بصورة خاصة وأنهكت اقتصاد دول العالم بصورة عامة.
بعيداً عن السياسة وبعيداً عن الانتهاكات الواضحة لحقوق الإنسان، والتي هي كثيرة جداً، نريد أن نتناول في هذا المقال، بنود الميثاق العالمي لحقوق الإنسان الذي يعتبر انجازاً هاماً للبشرية من الناحية النظرية رغم عدم كماليته وعلينا مراجعته على حسب تطور الوعي الإنساني اليوم بعد أكثر من 50 سنة من وضعه.
30 بنداً في الميثاق كانت ملائمة في زمانها ومكانها واعتبرت انجازاً عظيماً من الناحية القانونية، ولكن مع الأسف لم تطبق كما يجب وهي أيضاً ليست بالقوانين المقدسة، بل يجب مراجعتها وتحسينها على حسب التطور الإنساني والأهم والمهم تطبيقها فعلياً دون الكيل بمكيالين ودون التلاعب بها.
إذا تم تطبيق الميثاق العالمي لحقوق الإنسان كما هو الآن على الإنسانية أجمع دون تمييز، لكان ذلك هو الإنجاز الأعظم في التاريخ، بالرغم من حاجتنا إلى تجديد هذا الميثاق وإعادة النظر فيه لتشمل التعديلات والإصلاحات الإنسانية جمعاء. بغض النظر عن الشعوب والمجموعات البشرية والأشخاص… الجنس البشري واحد، سواء كان في أدغال إفريقيا أو استراليا أو جنوب أمريكيا أو أوروبا، فالإنسان هو إنسان قبل جنسه أو موطنه.
في هذا المقال سوف نتطرق إلى هذه البنود وننظر إليها واحدة تلو الأخرى كلي نعرفها اولا، لان مع الأسف كثير سمع بها ولا يعرف هذه البنود، وما يطبق منها بالفعل وما يتم غض الطرف عنه، وما يجب توضيحه وما يجب تعديله لكي يوافق مبادئ الإنسانية اليوم على جميع أنواعها.
كما عندما نتكلم عن حقوق الإنسان يجب أن نتكلم عن الفرد كوحدة مستقلة قائمة بذاتها بغض النظر عن جنسه أو جندره أو معتقده أو انتمائه أو حتى عمره… الفرد هو فرد مهما كان.
نبدأ بالبند الأول من ميثاق حقوق الإنسان الذي يقول:
المادة 1.
يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضاً بروح الإخاء.
هذا البند هو حقيقة يجب أن نعتقد بها ونؤمن بها كما هي، لا تحتاج لا إلى تفسير ولا تأويل، ولكن ماذا نفعل لمن لا يحترم هذا البند وأنا هنا لا أقصد الأفراد، بل الأيديولوجيات والأديان وحاصة الأديان الإبراهيمية التي تعتبر الغير منتمي إليها هم أغيار من الكفار والضالين… كيف نتعامل مع هذه الأديان التي تروج لفكرة الفوارق بين البشر في الكرامة والحقوق؟ ماذا نفعل لمن يفرق اليوم بين المولود الأنثى والذكر في الكرامة والحقوق؟ كيف نتعامل مع من يعتبر الأنثى أقل كرامة وأقل حق من الذكر؟ عندما ننقد أو نعارض هؤلاء الذين لا يقبلون بالآخر ويمنعون الحقوق، هل سنحترم نحن هذا البند؟ كيف لي كإنسان مؤمن بهذا البند واعتقد فيه كحقيقة مسلمة أن أتعامل مع من لا يعتقد ولا يحترم ولا يطبق هذا البند بسبب دينه أو أيديولوجياته؟
هذا البند رغم شبه كماليته إلا أن فيه ثغرة صغيرة وهي أنه يربط الحرية والمساواة والكرامة والحقوق بالعقل والوجدان، ونحن نعلم ان هناك من يولد بخلل عقلي أو وجداني أو قد يحصل له ذلك خلال مسيرة حياته، هل هؤلاء لا يستحقون الحرية والمساواة والكرامة والحقوق؟ يجب أن يشمل هذا البند الجميع بدون شروط ولا حدود، الإنسان هو إنسان مهما كان.
المادة 2
لكلِّ إنسان حقُّ التمتُّع بجميع الحقوق والحرِّيات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أيِّ نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدِّين، أو الرأي سياسيًّا وغير سياسي، أو الأصل الوطني، أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أيِّ وضع آخر. وفضلاً عن ذلك لا يجوز التمييزُ على أساس الوضع السياسي، أو القانوني أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص، سواء أكان مستقلاًّ أو موضوعًا تحت الوصاية أو غير متمتِّع بالحكم الذاتي أم خاضعًا لأيِّ قيد آخر على سيادته.
البند الثاني يؤكد أن كل ما جاء في هذا الميثاق ينطبق على جميع البشرية مع اختلافهم، هذا البند يجب أن يطبق حتى نعامل الجميع على حد سواء بنفس الحقوق التي يتمتع بها أي إنسان مهما كان.
المادة 3
لكلِّ فرد الحقُّ في الحياة والحرِّية وفي الأمان على شخصه.
بالفعل كل فرد له الحق في الحياة والحرية دون شروط ودون استثناء مهما كان، حرمان إنسان من الحياة يعتبر جرم سواء بالحرب أو بالقانون، هنا حكم الإعدام والحروب مهما كانت أسبابها عمل غير إنساني وغير حضاري، بأي حق تمنع الإنسان من الحياة أو من الحرية؟ والحرية هنا لا تختلف عن الحياة لأن منع الحرية هي بمثابة قتل الإنسان حياً، ما قيمة الإنسان بدون حرية؟ طبعاً لا قيمة له. الحرية هنا تشمل كل شيء من حيث التنقل والعيش والتفكير والعمل والتعبير… والحرية لا تعني أن تتعدى على القوانين الإنسانية أو حرية الآخرين، الحرية هي قبل كل شيء مسؤولية، فكما أعُطيت إليك لا يحق لك سلبها من أحد، للجميع الحق في هذه الحرية التي تجعل من الإنسان إنساناً بالفعل، ومنعها جريمة.
المادة 4
لا يجوز استرقاقُ أحد أو استعبادُه، ويُحظر الرق والاتجار بالرقيق بجميع صورهما.
هذه المادة تم تجاوزها تقريباً رغم أن أنواع الرق عديدة ليس عن طريق الاستعباد الجسدي فقط بل الاستعباد العقلي والنفسي، كالاستعباد داخل الأسرة وفي العمل. محاربة الاستعباد على جميع أشكاله واجب إنساني راقي يجب أن نعممه ونطرحه كموضوع للنقاش والتوعية، رغم أن الاسترقاق أو العبودية الجسدية مازالت موجودة اليوم في موريتانيا مثلاً على شكلها البشع ولا أحد يتكلم عنها، ومازالت موجودة بأشكال مختلفة أخرى مثل العمل المنزلي أو الحضائر وغيرها من الأعمال التي هي أقرب إلى العبودية الجسدية من أي عمل عادي سواء في المعاملة أو شروط العقد أو الأجر… فإن هذه عبودية جسدية ولكن في حالة سراح ومقنع بقانون العمل.
المادة 5
لا يجوز إخضاعُ أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطَّة بالكرامة.
بأي حق تعذب الآخرين جسدياً أو معنوياً؟ بأي حق تسلط العقوبة على الآخر وإن كان داخل الأسرة كما يفعل بعض الوالدين في حق أطفالهم أو كما يعذب صاحب العمل العامل أو تعذب الدولة للمواطن؟ هذه الأساليب الوحشية لا تمت للإنسانية بصلة، اللوم لا يقع فقط على من يمارس العنف بل أيضاً على من يخضع ويقبل بالإهانة أمام هذه التصرفات اللا أخلاقية واللاإنسانية.
ونخص بالذكر الدول العظمى التي تدعي أنها تحترم حقوق الإنسان وأشهرها ما وقع في سجن أبو غريب في العراق من طرف أمريكا التي نصبت نفسها شرطة على العالم، وأيضاً مثال ما وقع في معتقل غوانتانامو من إذلال وتعذيب وإهانة للمعتقلين، كل مرة تخرج لنا فضيحة من هذا النوع من الدول التي تدعي الحضارة والإنسانية.
هذه الممارسات لم تتوقف قط بل أصبحت تمارس بتستر وسرية تامة، هل إخفاؤها وممارستها في السر يجعلها غير موجودة؟ طبعاً لا فهي واضحة وجلية في مراكز اللجوء في أوروبا حيث الإهانة والذل والتعذيب النفسي والمعنوي وحتى الجسدي الذي يمارس بطريقة عادية ولا أحد يتكلم عن حقوق الإنسان وحقوق اللاجئين الذي يعاملون بطريقة ليس إنسانية، وهذا لا يتوقف على ذلك بل حتى في السجون والمستشفيات، صحيح في دول الغرب هناك قانون واضح يمنع ذلك ولكن لا يتحرك القانون إلا عند وقوع الفضيحة وفي أغلب الأحيان يتم إغلاق الموضوع وكأن شيئاً لم يكن.
المادة 6
لكلِّ إنسان، في كلِّ مكان، الحقُّ بأن يُعترَف له بالشخصية القانونية.
لعل البعض لا يعرف معنى الشخصية القانونية، صحيح سابقاً العبيد لم يكونوا يملكون أية شخصية قانونية، ولكن اليوم كل إنسان أو جهة أو كيان أو منظمة أو جمعية… مهما كانت تملك هذه الشخصية القانونية منذ بدايتها إلى نهايتها، إذاً هي عبارة عن حالة تسمح بتطبيق الحقوق والواجبات التي تجعل الكيان يعمل في نظام قانوني، بالنسبة للفرد الإنسان يمتلك بطريقة طبيعية الشخصية القانونية منذ ولادته إلى وفاته.
يمكن تعريف الشخصية القانونية للإنسان على أنها القدرة أو إمكانية الشخص بأن يكون محلًا لاكتساب الحقوق على اختلاف أنواعها، وفي ذات الوقت يكون قادرًا على تحمل الالتزامات التي يفرضها القانون عليه، ومن الجدير بالذكر أن الشخص الذي يعاني من عاهة يتمتع بالشخصية القانونية مثله مثل غيره. طبعاً القانون العالمي لا يعترف بالشخصية القانونية قبل الولادة وقبل انفصال الجنين عن الأم ولا يعترف بها بعد ثبات موته.
المادة 7
الناسُ جميعًا سواءٌ أمام القانون، وهم يتساوون في حقِّ التمتُّع بحماية القانون دونما تمييز، كما يتساوون في حقِّ التمتُّع بالحماية من أيِّ تمييز ينتهك هذا الإعلانَ ومن أيِّ تحريض على مثل هذا التمييز.
ليس هناك أية مشكلة في هذا القانون بل هناك مشكله في تطبيقه، أصحاب المال والنفوذ يمكن لهم التعدي على هذا القانون الذي من الفروض أن يكون الجميع متساوون فيه أمام القانون.
المادة 8
لكلِّ شخص حقُّ اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصَّة لإنصافه الفعلي من أيَّة أعمال تَنتهك الحقوقَ الأساسيةَ التي يمنحها إيَّاه الدستورُ أو القانونُ.
هذا البند جيد من الناحية النظرية ولا عيب فيه ولكن الإشكالية تكمن في تطبيقه خاصة عندما يجهل الشخص بالقانون أو لا يملك المال لذلك، ولهذا وجود استشارة قانونية مجانية ومحامين مجانيين توفرهم الدولة لكي تسمح لمن ليس له القدرة أو المعرفة بالمطالبة بحقوقهم وأن يكون لديهم الإمكانية في ذلك وهذا نجده في الدول المتقدمة جداً في حقوق الإنسان خاصة الدول الإسكندنافية.
المادة 9
لا يجوز اعتقالُ أيِّ إنسان أو حجزُه أو نفيُه تعسُّفًا.
ما أبعد النظري عن الواقع خاصة في مسألة الاعتقال والحجز، أما النفي حدث ولا حرج خاصة في دول العالم الثالث وحتى في الدول المتحالفة مع الدول الغربية مثل دول الخليج وإسرائيل التي تمارس الاعتقال والحجز والنفي والتهجير دون وجه حق بلا رقابة ولا حسيب، والجميع في صمت أمام الانتهاكات هذا البند وهو من أهم بنود حقوق الإنسان.
المادة 10
لكلِّ إنسان، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحقُّ في أن تَنظر قضيتَه محكمةٌ مستقلَّةٌ ومحايدةٌ، نظرًا مُنصفًا وعلنيًّا، للفصل في حقوقه والتزاماته وفى أيَّة تهمة جزائية تُوجَّه إليه
مدى تطبيق هذا البند؟ كما قلت في أول المقال العيب الكبير في هذه البنود هي في عدم تطبيقها وليست هي بحد ذاتها، فالفرق شاسع بين النظري والتطبيقي.
المادة 11
كلُّ شخص متَّهم بجريمة يُعتبَر بريئًا إلى أن يثبت ارتكابُه لها قانونًا في محاكمة علنية تكون قد وُفِّرت له فيها جميعُ الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه.
لا يُدان أيُّ شخص بجريمة بسبب أيِّ عمل أو امتناع عن عمل لم يكن في حينه يشكِّل جُرمًا بمقتضى القانون الوطني أو الدولي، كما لا تُوقَع عليه أيَّةُ عقوبة أشدَّ من تلك التي كانت ساريةً في الوقت الذي ارتُكب فيه الفعل الجُرمي.
الإنسان يعتبر بريء حتى تثبت إدانته وهي من أهم بنود حقوق الإنسان لأنه ليس من المعقول أن تشوه سمعة إنسان لمجرد الاتهام أو الشك، هذا غير مقبول مهما كان كما أن فكرة العقوبة والجرم في هذا البند هو تعبير غير إنساني مهما كان الفعل الذي ارتكبه الإنسان، صحيح نحن لم نصل بعد إلى مرتبة يمكن أن نسمي ما يرتكبه الإنسان من أعمال غير إنسانية بأنها أعمال مرضية وخلل نفسي أو عقلي بدلاً من استعمال لفظ جرم.
أو أن نسمي العقاب بلفظ علاج ومتابعة أو حالة اجتماعية أو نفسية مثل ما يقع في دول شمال أوروبا الذين تفطنوا إلى هذه النقطة المهمة، معاملة الإنسان مهما كان فعله على أنه مجرم وعلى أن ما ارتكبه جرم والتفكير في عقابه هو تصرف لا يمكن أن يكون تصرف إنساني راقي والقانون هنا يتحول إلى منتقم بدلاً من كونه معالج، لهذا هذا البند يجب أن يراجع والأهم طبعاً أن يطبق.
المادة 12
لا يجوز تعريضُ أحد لتدخُّل تعسُّفي في حياته الخاصة أو في شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسلاته، ولا لحملات تمسُّ شرفه وسمعته. ولكلِّ شخص حقٌّ في أن يحميه القانونُ من مثل ذلك التدخُّل أو تلك الحملات.
الخصوصية هي من الأمور التي يعتبرها الكثير من أهم الأمور التي تخص الفرد، طبعاً اليوم أصبح من الصعب تحقيق ذلك، مع تقدم التكنولوجيا وشبكة الإنترنت فإن الخصوصية أصبحت شبه معدومة من طرف الجميع من أبسط الأمور إلى أعقدها، كما أن المراقبة من أجل حماية عامة الناس سوى في الأماكن العامة أو الإدارات أصبح ضرورة عن طريق كاميرات المراقبة.
أجهزة الدولة تسمح لنفسها أن تراقب الفرد والأسرة في أبسط خصوصياتها بحجة الحفاظ على الأمن العام، هذا البند كان ممكن في الماضي أم اليوم صعب تطبيقه خاصة عندما نعلم أن تحت هذه الخصوصية ترتكب أبشع الأعمال خاصة من طرف ما نطلق عليهم المنظمات السرية أو الأفراد عندما يعلم بأن لا رقيب عليه، فيرتكب أبشع الأعمال وهذه بالتجربة والدليل العلمي حيث الأماكن التي يعلم فيهم الشخص أنه مراقب يتصرف بطريقة أكثر حضارية من الأماكن التي يعلم أن لا رقيب عليه.
طبعاً هذا رأيي الشخصي ويمكن أن يعارضني الكثير ولا يتفق معي. ولكن شخصياً أرى أن الخصوصية يجب أن تكون ضيقة في حدود معينة لكي نحافظ على الأمن العام من جهة ومن جهة أخرى نعين جهات مسؤولة ومخولة لذلك لكي تطلع على الخصوصية وليس عمل فردي وشخصي. كما أن تطور التكنولوجيا وتطور الإنسان يذهب نحو الشفافية في التعامل والوضوح، في المستقبل سوف يصبح كل شيء أكثر وضوح وأكثر شفافية.
المادة 13
لكلِّ فرد حقٌّ في حرِّية التنقُّل وفي اختيار محلِّ إقامته داخل حدود الدولة.
لكلِّ فرد حقٌّ في مغادرة أيِّ بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إلى بلده.
هذا البند يعتبر غير كامل، نحن هنا نتكلم عن حقوق الإنسان وليس حقوق الدول، نحن نتكلم عن الفرد الإنسان فوق هذه الأرض أو خارج هذه الأرض في المستقبل، إذاً يجب أن يكون البند بالفعل إنساني ولا يحدد بالحدود مهما كانت.
من الأصح أن نقول أن كل إنسان له حرية التنقل فوق هذه الأرض وخارج هذه الأرض في أي مكان أراد وله الحق أن يختار مكان إقامته أياً كان وكل شخص له حق المغادرة أينما يريد، أو العودة إلى وطنه كما يريد حرية التنقل والإقامة يجب أن يشمل جميع البشر، اليوم نشاهد من لهم هذا الحق من الدول الغربية والغنية والمتقدمة بينما من ولد في بقية الدول لا يحق لهم ذلك.
لأن جواز سفر دولته يحرمه من التنقل وشروط التأشيرة صعبة، هذا البند خاص بالغربيين وأقرب حلفائهم أما بقية العالم ليس له الحق إلا في بلده أو البلدان الأقل تطوراً منه وهذا غير إنساني.
المادة 14
لكلِّ فرد حقُّ التماس ملجأ في بلدان أخرى والتمتُّع به خلاصًا من الاضطهاد.
لا يمكن التذرُّعُ بهذا الحقِّ إذا كانت هناك ملاحقةٌ ناشئةٌ بالفعل عن جريمة غير سياسية أو عن أعمال تناقض مقاصدَ الأمم المتحدة ومبادئها.
كل إنسان له الحق في العيش أينما يريد سواء تعرض لاضطهاد أم لا، أما في حالة الاضطهاد حينها يعتبر أكثر أحقية ويجب على الأمم المتحدة والدول المدافعة عن حقوق الإنسان أن تساعد هؤلاء المضطهدين. ولكن مع الاسف لم نشاهد ذلك، عليك أولاً اثبات أنك مضطهد وهو أمر شبه مستحيل عملياً، كم من شخص كان مضطهد بالفعل وغير قادر على اثبات ذلك أو حتى الظهور إلى الرأي العام، فالأغلبية يتم إسكاتها وقمعها بصمت تام من قبل دولهم الديكتاتورية وفي بعض الأحيان يتم إلصاق تهم باطلة منها الخيانة وغيرها تبريراً للقمع الذي تمارسه هذه الدول، وقد يكون القمع من قبل الأسرة فيصعب عليك الخروج من الجحيم الذي تم رسمه لك ضمن حدود هذه الأسرة.
ومن كان حظه أفضل من ذلك واستطاع الظهور والخروج من حدود الدول الديكتاتورية، تبدأ حينها معركته في اثبات القمع ووقع الضرر الذي أصابه، وذلك صعب اثباته كما تعلمون إن طريق اللجوء صعب وشاق جداً إن لم أقل شبه مستحيل، وتدخل فيه كثير من السياسية والمصالح. لا أرى أي تعامل إنساني في هذا البند، بل هو تعامل مصالح سياسية من طرف الدول مانحة اللجوء.
المادة 15
لكل فرد حق التمتع بجنسية ما.
لا يجوز، تعسُّفًا، حرمانُ أيِّ شخص من جنسيته ولا من حقِّه في تغيير جنسيته.
أين هذا البند من الواقع، شعوب كاملة حرمت من الجنسية من طرف الدول التي تدعي أنها تدافع عن حقوق الإنسان، القائمة طويلة من جبل طارق إلى المستعمرة البريطانية إلى سبتة ومليلة وجزر الكناري إلى الأهواز الإيرانية إلى فلسطين إلى اغتصاب حق الهنود الحمر والاستراليين … حرية تغيير الجنسية هو حق إنساني كل إنسان له الحق أن يغير جنسيته ولا يحق لأي قانون في العالم أن يمنع ذلك أو يحرم شخص من جنسيته، وهنا أيضاً.. ما أبعد النظري عن الواقع.
المادة 16
للرجل والمرأة، متى أدركا سنَّ البلوغ، حقُّ التزوُّج وتأسيس أسرة، دون أيِّ قيد بسبب العِرق أو الجنسية أو الدِّين. وهما متساويان في الحقوق لدى التزوُّج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله.
لا يُعقَد الزواجُ إلاَّ برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاءً كاملً لا إكراهَ فيه.
الأسرةُ هي الخليةُ الطبيعيةُ والأساسيةُ في المجتمع، ولها حقُّ التمتُّع بحماية المجتمع والدولة.
هذا البند ينقصه الكثير، الأهم هو حق أي إنسان أن يتزوج بمن يريد سواء كان ذكر مع ذكر أو أنثى مع أنثى ولا يقتصر على المغاير فقط أي أنثى وذكر ككل إنسان بالغ له الحق أن يتزوج أكثر من واحد لو كان هناك اتفاق. كما ليس بالضرورة أن يكون هناك زواج يمكن أن تكون معاشرة أو اتفاق من بينهم على أي صيغة قانونية يردون أو بدون صيغة قانونية، لهم مطلق الحرية في العلاقات الجنسية والإنجاب. القانون يجب أن يتوقف حول العنف والاغتصاب والتعدي والاجبار، معدى ذلك القانون لا يحق له التدخل في العلاقات بين البالغين كما القانون يجب أن يحمي من التحرش يحمي القاصرين لكي يكون القانون عام لكل إنسان.
المادة 17
لكلِّ فرد حقٌّ في التملُّك، بمفرده أو بالاشتراك مع غيره.
لا يجوز تجريدُ أحدٍ من مُلكه تعسُّفًا.
هذا قانون إنساني واضح ولكن هل نتكلم عمن تم تجريدهم من ملكهم من شعوب بأكملها ومن أراضيهم ومن أوطانهم؟ لا طبعاً فنحن نتغاضى عن ذلك ولا نذكره، كم من مجموعة ومن شعب ومن أفراد تم مصادرة كل ما يملكون حتى الأرض التي يعشون فوقها والسماء التي يتظللون تحت سقفها. أين منظمة الأمم المتحدة من كل ذلك؟ وأين وحقوق حماة حقوق الإنسان من هذه الانتهاكات؟ هل نتكلم عن غزو واحتلال روسيا لأوكرانيا ولا نتكلم عن الشعوب الأخرى التي تم غزوها ومنعها من أبسط حقوقها في المواطنة؟ الكيل بمكيالين واضح بشكل فاضح من قبل الأمم المتحدة والدول المدعية بأنها تدافع عن حقوق الإنسان.
المادة 18
لكلِّ شخص حقٌّ في حرِّية الفكر والوجدان والدِّين، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في تغيير دينه أو معتقده، وحرِّيته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبُّد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة.
حرية المعتقد والضمير ضرورة لكل إنسان لكي يعيش بتاوزن مع نفسه ومع ما يعتقد بعيداً عن النفاق والتستر والخوف كما يحدث في الدول التي لا تحترم هذا الحق وتلاحق وتعدم من غير دينه. كما يحدث في الدول الإسلامية وأعظمها السعودية الحليف الغربي فهي تعدم وتطبق حد الردة ، ليس على من غير دينه فقط بل على من غير مذهبه أو حتى من غير مذهب الدولة الوهابي.
وطبعاً لا نتكلم عما يتعرض له من غير دينه إلى الديانات الأخرى أو من طرد ونفي بتعسف. حرية المعتقد واجب إنساني ولا يحق لأحد أن يجبر الآخر على تغيير معتقده بأي طريقة كانت وشراء الذمم والتهديد، حيث نشاهد الجماعات التبشيرية المسيحية وغيرها تشتري الذمم تحت ضغوط مباشرة أو غير مباشرة وبطرق ملتوية تتلاعب بهذا الحق طبعاً.
كل الدول الإسلامية التي تعتبر تغيير الدين جريمة قانونية واجتماعية، نرى هذه المنظمات الحقوقية التي تدافع عمن يغير دينه من الإسلام إلى المسيحية وتدعمه وتتكلم عنه ولا تلتفت أبداً إلى من يلحد ويكون لا ديني في، الحقيقة من خرج من الإسلام أو أي دين فإن دينه الجديد هو من يحميه وليست منظمة حقوق الإنسان التي لا تراعي أي اهتمام للملحدين واللادينيين. إذاً مرة أخرى ما أبعد النظري عن التطبيق…
المادة 19
لكلِّ شخص حقُّ التمتُّع بحرِّية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقِّيها ونقلها إلى الآخرين، بأيَّة وسيلة ودونما اعتبار للحدود.
حرية الرأي هي كائن حي وقتله جريمة، ولكن المشكلة في تحديد مدى هذه الحرية؟ هذا البند يتكلم عن حرية التعبير والرأي، حسب اعتقادي وحسب التجربة على مر التاريخ فإن منع الناس من التعبير لا يمنعهم عن التفكير، منع الحرية مهما كانت العلة والسبب لا تمنع الفرد من التفكير ولا من إخفاء تفكيره.
لهذا فإن المنع لم ولن يكن حلاً ولا يجب منع أي حرية فكرية مهما كانت، لكي تطرح للحوار والنقاش وهكذا يمكن أن نحارب الأفكار التي تعتبر غير جيدة، ليس بالمنع والتعتيم. هذا البند جيد ولكن مع الأسف لا يتم تطبيقه لأننا نحاكم من يعبر عن رأيه تحت أي ذريعة ويتم اتهامه بالإجرام إن صح التعبير أو أن أفكاره غير إنسانية، مثال على ذلك من الغرب نفسه عندما يمنع بالقانون ويعاقب كل من يتكلم أو يعبر عن الفكر النازي أو أي فكر عنصري.
أنا ضد هذه الأفكار وممارستها ولكن هل منعها هو الحل؟ طبعاً لا بل يجب طرحها للنقاش والحوار إلى أن تضمحل مع الوقت أو تصبح أقل خطورة لأن منعها يجعلها تتغلل وتكبر في السر، كل إنسان له حق التعبير وفي نفس الوقت كل إنسان له حق النقد هذا هو التصرف الإنساني الذي يمكن أن يجعلنا نتقدم، الحرية الفكرية يجب أن تكون بلا حدود..
المادة 20
لكلِّ شخص حقٌّ في حرِّية الاشتراك في الاجتماعات والجمعيات السلمية.
لا يجوز إرغامُ أحدٍ على الانتماء إلى جمعية ما.
حق إنساني، نعم كل إنسان له حرية الاشتراك في أي تجمع سلمي وأن ينتمي إلى أي جمعية، كلام جميل ولكن عندما يُمنَع الحزب الشيوعي في أمريكا أو يتم منع تجمعات سلمية ضد مصالح غربية مهما كانت، أبسطها التدخل الغربي في حرب أوكرانيا. الأمر مختلف هنا طبعاً لا أدافع لا عن أوكرانيا ولا عن روسيا بالنسبة لي الاثنين مشتركين في الجريمة بدعم أمريكي غربي.
أين الحرية هنا؟ لماذا يتم منع من لهم رأي مخالف، طبعاً نتكلم عن التجمعات السلمية أما الجمعيات يجب أن نحدد أي جمعيات، هل يمكن إعطاء الحق للجمعيات التي لا تحترم ولا تعترف بالحرية وحقوق الإنسان هذه معضلة كبيرة وغير واضحة لأن من الممكن التلاعب بهذا البند كما نريد كما، يمكن أن نتهم أي تجمع أنه غير سلمي لكي نفرقه وهذا مع الأسف يحصل كثيراً خاصة عندما لا تتوافق هذه التجمعات مع سياسة الدولة حتى في الدول الغربية نفسها.
المادة 21
لكلِّ شخص حقُّ المشاركة في إدارة الشؤون العامة لبلده، إمَّا مباشرةً وإمَّا بواسطة ممثِّلين يُختارون في حرِّية.
لكلِّ شخص، بالتساوي مع الآخرين، حقُّ تقلُّد الوظائف العامَّة في بلده.
إرادةُ الشعب هي مناطُ سلطة الحكم، ويجب أن تتجلىَّ هذه الإرادة من خلال انتخابات نزيهة تجرى دوريًّا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السرِّي أو بإجراء مكافئ من حيث ضمان حرِّية التصويت.
هذا بند يحتاج شرحاً مطولاً.. الديمقراطية والانتخاب الذي يتلاعب به رجال الأعمال والإعلام وأصحاب السلطة والأجهزة والجمعيات، لها دور كبير في تزوير الأصوات والآراء وهم يختارون من يصل للسلطة، ولا ننسى أجهزة المخابرات واللوبيات. صحيح الديمقراطية الغربية والتنافس هو أفضل ما وصلت إليه الإنسانية اليوم ولكن ليس هي الكمال المطلق، الإنسانية يمكن أن تقدم أفضل من ذلك وتكون أكثر شفافية وأقل تحكم في التأثير على الناخب.
طبعاً نحن في دولنا الشمال إفريقية والشرق الأوسطية لم نصل بعد إلى هذا المستوى حيث الحكومات الديكتاتورية هي الغالبة ومدعومة بقوة من الغرب نفسه الذي يطالب بالديمقراطية الغربية ولكن في الحقيقة الغرب لا يريدها لنا، لأنها ستعطي شعوبنا الحرية، بل الغرب يريد لنا ديمقراطية على حسب مزاجه لتخدم مصالحة ويسميها ديمقراطية رغم أن الجميع يعلم إنها ديكتاتورية بأتم معنى للكلمة..
وآخرها الديكتاتورية في مصر بقيادة السيسي أو الديكتاتوري في تونس الذي يتغاضى الغرب عنها ولا أتكلم عن بقية الدول كديكتاتورية دول الخليج والمغرب والعسكر في الجزائر وغيرها.. وعلى خلاف ذلك كله فإن الغرب يرى ديكتاتورية حافظ الأسد فقط في مناطقنا لأن سياسته لا تتماشى مع مصالحة.
المادة 22
لكلِّ شخص، بوصفه عضوًا في المجتمع، حقٌّ في الضمان الاجتماعي، ومن حقِّه أن تُوفَّر له، من خلال المجهود القومي والتعاون الدولي، وبما يتَّفق مع هيكل كلِّ دولة ومواردها، الحقوقُ الاقتصاديةُ والاجتماعيةُ والثقافيةُ التي لا غنى عنها لكرامته ولتنامي شخصيته في حرِّية
الضمان الاجتماعي والحقوق الأساسية للعيش هي من الأمور التي يجب أن توفرها أي دولة لمواطنيها. هنا اعترف أن الغرب والدول المدافعة عن حقوق الإنسان تضمن العيش الكريم لشعبها بما فيه الكفاية من خلال الضمان الاجتماعي وحق السكن وحق الأكل، ولكنها تسرق بقية ثروات العالم التي لكي يعيش الأوروبي أحسن عيشة وليذهب البقية للجحيم!
وهذه الدول التي لا تحرم مواطنيها من حق العيش، تحرم كثير من الشعوب من حق العيش، هل حقوق الإنسان أن تحرم العالم من أجل أن تعيش أنت؟ هل هذه هي حقوق الإنسان؟ أن تسرق جارك والآخرين لكي تعيش أنت وأهلك أحسن عيشة، هل حقوق الإنسان الأوروبي، هل الأوروبي هو إنسان فقط والبقية حيوانات؟ كما قال ممثل الاتحاد الأوروبي أخيراً أن أوروبا جنة ولا يسمحون لأحد أن يفسد هذه الجنة، طبعاً لا أحد يريد إفساد الجنة ولكن هل من حقكم خلق الجحيم في بقية العالم؟
العالم الذي سرقوه ونهبوا ثوراته، والعقود الغير عادلة والتدخل في سياسيات الدول والحروب وغيرها، العالم يعيش تحت مستوى الصفر بينما الغرب يعيش ويأكل قوت الآخرين هذا الأمر يجب الانتباه إليه.. حق العيش يجب يكفل لجميع البشر وليس حكراً على شعب أو مجموعة دون الأخرى.
المادة 23
لكلِّ شخص حقُّ العمل، وفي حرِّية اختيار عمله، وفي شروط عمل عادلة ومُرضية، وفي الحماية من البطالة.
لجميع الأفراد، دون أيِّ تمييز، الحقُّ في أجٍر متساوٍ على العمل المتساوي.
لكلِّ فرد يعمل حقٌّ في مكافأة عادلة ومُرضية تكفل له ولأسرته عيشةً لائقةً بالكرامة البشرية، وتُستكمَل، عند الاقتضاء، بوسائل أخرى للحماية الاجتماعية.
لكلِّ شخص حقُّ إنشاء النقابات مع آخرين والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه.
هذا البند لا يختلف تقريباً عما جاء قبله فحق العمل وحق الاختيار والحماية من البطالة هذه الأمور مضمونة عند الغرب بينما في بقية العالم مع الأسف لا، وفوق كل ذلك فإن هذا الغرب يصنع بضاعته في الدول الفقيرة ومقابل أجور أقل بكثير مما يربح أموال طائلة من ورائهم ويبيعون سلعهم لهذه الدول بأسعار خيالية.
أيضاً ليس هناك حماية للعامل وليس له أي ضمان بل يصل الأمر إلى توظيف النساء والأطفال بأسعار دون الأدنى وهذه الشركات الغربية التي تبني مصانعها في دول آسيا وشمال إفريقيا وتستغل فقر هذه الشعوب وعدم اهتمام حكوماتها بها لكي تنتهز حاجتهم للقمة العيش. أليس هذا الاستعباد بعينه والتي تندد به الأمم المتحدة وبنود حقوق الإنسان؟ أين حقوق الإنسان من كل هذا؟ وهل حقوق الإنسان إلا للغربي فقط؟
المادة 24
لكلِّ شخص حقٌّ في الراحة وأوقات الفراغ، وخصوصًا في تحديد معقول لساعات العمل وفي إجازات دورية مأجورة.
جميل أن يطبق في الغرب طبعاً من حقهم ولكن ماذا عن بقية العالم؟ لاسيما عمن يعمل حتى وهو نائم دون توقف، لم نسمع منظمة الأمم المتحدة تتكلم كثيراً عن انتهاكات ساعات العمل والتي تعم تقريبا كل العالم إلا الغرب. وفيما يتعلق باستغلال من لا يحملون أوراق الإقامة في الدول الغربية خاصة جنوب أوروبا أو من يعملون في الفلاحة، فحدث ولا حرج فنحن لا نسمع أبداً عن حماية هذه الفئة واستغلالها في العمل بأسعار بخسة جداً ودون أي ضمان.
. بل هناك من يذهب إلى أن أوروبا تسمح بالهجرة السرية إلى أراضيها بغرض استغلالهم في الأعمال الشاقة مثل الفلاحة وغيرها التي لا يقبل الإنسان الأوروبي أن يعمل فيها.
المادة 25
لكلِّ شخص حقٌّ في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته، وخاصَّةً على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية، وله الحقُّ في ما يأمن به الغوائل في حالات البطالة أو المرض أو العجز أو الترمُّل أو الشيخوخة أو غير ذلك من الظروف الخارجة عن إرادته والتي تفقده أسباب عيشه.
للأمومة والطفولة حقٌّ في رعاية ومساعدة خاصَّتين. ولجميع الأطفال حقُّ التمتُّع بذات الحماية الاجتماعية سواء وُلِدوا في إطار الزواج أو خارج هذا الإطار.
نفس البند السابق إلا أنه يوضح أكثر ويشمل الأم والطفل، صحيح أن الغرب نجح في ذلك في دوله ولكن أين هو من بقية العالم؟ هل تحقيق حقوق الإنسان مطلوب في الدول التي يعيش فيها فقط؟ أم يجب أن نعمل على أن تشمل الحقوق جميع أنحاء العالم لو كنا بالفعل إنسانيين؟ عُرف الغرب بأنانيته وعدم اكتراثه لبقية العالم كأنه هو وحده الإنسان وبقية العالم لا يستحقون لقب الإنسانية.
الإنساني لا يعمل على مستوى محيطه فقط بل يجب أن يعمل على مستوى الإنسانية كلها، وإلا لن تصح عليه تسمية الإنساني، نحن لا نطلب من الغرب أن يساعدنا بل أن يكون حقاني أولاً ويتوقف عن سرقتنا ولا يستغلنا وأن يكون عادل في حكمه وتنديده ولا يكيل بمكيالين كما نراه منذ وضع بنود حقوق الإنسان.
الغرب يجب أن يفهم أنه ليس وحده الإنسان وأن كل من يعيش على هذه الأرض أينما كان هو إنسان يجب أن يفكر فيه مثلما يفكر في مواطنيه، على الأقل لا يدعم الديكتاتورية ولا يسرق الثروات هذا ابسط ما يمكن أن يقوم به وأن يكون عادل في التنديد بمن يخالف حقوق الإنسان ولا يتغاضى عمن يقوم بذلك إن كان حليف وصديق له.
المادة 26
لكلِّ شخص حقٌّ في التعليم. ويجب أن يُوفَّر التعليمُ مجَّانًا، على الأقل في مرحلتيه الابتدائية والأساسية. ويكون التعليمُ الابتدائيُّ إلزاميًّا. ويكون التعليمُ الفنِّي والمهني متاحًا للعموم. ويكون التعليمُ العالي مُتاحًا للجميع تبعًا لكفاءتهم.
يجب أن يستهدف التعليمُ التنميةَ الكاملةَ لشخصية الإنسان وتعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية. كما يجب أن يعزِّز التفاهمَ والتسامحَ والصداقةَ بين جميع الأمم وجميع الفئات العنصرية أو الدينية، وأن يؤيِّد الأنشطةَ التي تضطلع بها الأممُ المتحدةُ لحفظ السلام.
للآباء، على سبيل الأولوية، حقُّ اختيار نوع التعليم الذي يُعطى لأولادهم.
التعليم من البنود المهمة جداً وهي حق مشروع وهو أيضاً تطبق جيداً في أوروبا هذا أمر واضح ولكن أين بقية العالم؟ لعل البعض يقول لي هل أوروبا مسؤولة عن ذلك؟ الجواب.. نعم مسؤولة لأنها لا تندد.. نعم مسؤولة لأنها تعتبر نفسها قوى عظمى.. نعم مسؤولة لأنها تؤيد ديكتاتوريات تمنع التعلم والتعليم رديء جداً.. نعم مسؤولة من جميع الجوانب بسياستها وتصرفاتها.
المادة 27
لكلِّ شخص حقُّ المشاركة الحرَّة في حياة المجتمع الثقافية، وفي الاستمتاع بالفنون، والإسهام في التقدُّم العلمي وفي الفوائد التي تنجم عنه.
لكلِّ شخص حقٌّ في حماية المصالح المعنوية والمادية المترتِّبة على أيِّ إنتاج علمي أو أدبي أو فنِّي من صنعه.
الإنسان فنان بطبعه وبدون الفن لا قيمة للإنسان، الفن على جميع أنواعه الأدبية والفنية، ولا يزدهر الفن بدون حرية ولا تكون الحرية بدون الحصول على لوازم العيش الأساسية، هنا الغرب نجح في ذلك بالنسبة لشعوبه مرة أخرى ولكن أين بقية العالم.. هذا هو السؤال.. أريد أن أفهم هل حقوق الإنسان خاصة أم عامة لكل إنسان؟
المادة 28
لكلِّ فرد حقُّ التمتُّع بنظام اجتماعي ودولي يمكن أن تتحقَّق في ظلِّه الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الإعلان تحقُّقًا تامًّا.
لا يحتاج إلا للتطبيق الفعلي أما النظري يعتبر وافي وشافي.
المادة 29
على كلِّ فرد واجباتٌ إزاء الجماعة، التي فيها وحدها يمكن أن تنمو شخصيته النمو الحر الكامل.
لا يُخضع أيُّ فرد، في ممارسة حقوقه وحرِّياته، إلاَّ للقيود التي يقرِّرها القانونُ مستهدفًا منها، حصرًا، ضمانَ الاعتراف الواجب بحقوق وحرِّيات الآخرين واحترامها، والوفاءَ بالعادل من مقتضيات الفضيلة والنظام العام ورفاه الجميع في مجتمع ديمقراطي
لا يجوز في أيِّ حال أن تُمارَس هذه الحقوقُ على نحو يناقض مقاصدَ الأمم المتحدة ومبادئها.
بالنسبة لكثير من الدول فإن المعضلة بربط القانون أو الدستور بالحريات والحقوق، وهذا الربط غير جيد لأن القانون قد يكون في الأصل جائر وغير مقبول ولا يحترم حقوق الإنسان ولقد شاهدنا الدستور الأخير لتونس الذي لا يحترم أبسط مطالب حقوق الإنسان، فكيف يمكن دعم وقبول دستور يمنع من يملك جنسية أجنبية من الترشح؟ بل وأبعد من ذلك يجب أن يكون مسلماً ويحرم التونسيين الغير المسلمين من أي حق.
سكوت الغرب عن كارثة الدستور التونسي وحده يدل على أن هذا الغرب لا يهتم بحقوق الإنسان إلا داخل حدوده فقط ونسبياً عندما يخدم مصالحه أما الآخرين فليذهب إلى الجحيم، ناهيك عن بقية الدساتير التي لا تحترم لا من قريب ولا من بعيد أبسط حقوق الإنسان، ما أحاول أن أشير إليه هنا هو عدم تحدث الغرب عن هذه الانتهاكات التي تقع في العالم وخاصة عند حلفاءه من المغرب إلى عسكر الجزائر إلى مصر إلى دول الخليج إلى إسرائيل.
المادة 30
ليس في هذا الإعلان أيُّ نصٍّ يجوز تأويله على نحو يفيد انطواءه على تخويل أيَّة دولة أو جماعة، أو أيِّ فرد، أيَّ حقٍّ في القيام بأيِّ نشاط أو بأيِّ فعل يهدف إلى هدم أيٍّ من الحقوق والحرِّيات المنصوص عليها فيه
هذا هو المطلوب، ولكن مع الأسف لم يحدث ذلك حيث أن من وضع هذه البنود هو أول من يستعمل هذه البنود على حسب هواه ومصالحه، لو أننا نطبق نصف هذه البنود على العالم كله لتقدمنا خطوة كبيرة نحو الأمام.
إذاً لقد أخذنا في هذا المقال فكرة عن البنود 30 من ميثاق حقوق الإنسان التي يسمع بها الكثير ولكن لا يعرفونها، كما تكلمنا عن تاريخها وأسباب ظهورها وأخيراً قمنا ببعض التعليقات على هذه البنود وطبعاً يمكن لكم أن تنتبهوا لجوانب أخرى بما أن بنود حقوق الإنسان هي للجميع فإن من حق كل إنسان أن يعطي رأيه.
وأخيراً تكلمنا عن الازدواجية والكيل بمكيالين والتعامل الغير أخلاقي والغير إنساني مع هذه البنود من طرف من يدعون أنهم يدافعون عن حقوق الإنسان وارجوا أن أكون قد وفقت في إعطاء نظرة شاملة عن حقوق الإنسان وفتح باب النقاش.
0 تعليق