الشذوذ الجنسي في الإسلام

من المعروف أنّ الجنس في الإسلام يقتصر على العلاقات بين الرجال والنساء فقط. هذا هو النوع الشرعي الوحيد والطبيعي من العلاقات في نظر الإسلام، إضافةً إلى أنه مسموحٌ فقط ضمن أطرٍ محددة جدًا تختلف باختلاف الطوائف. هكذا نجد عدة أشكالٍ للزواج، كما نجد حق الملكية على العبيد والنساء اللواتي تم أسرهن خلال الحروب ضد أعداء الإسلام. أيّ علاقةٍ خارج هذه السياقات ممنوعة منعًا باتًا ويعاقب عليها بشدة قد تصل إلى الإعدام، كونها تُعتبر ضد الطبيعة التي خلقها الله، مما يجعلها إهانةً مباشرةً لإرادته.

على الرغم من أن الشذوذ الجنسي محظورٌ في الإسلام، فقد عرف تاريخ العالم الإسلامي العديد من المثليين المشهورين، سواء بين الشعراء أو غيرهم، ممن أظهروا شذوذهم بوضوح دون أن تتم إدانتهم أو الحكم عليهم. هذا يجعلنا نتساءل: لماذا لم نشهد معاقبة المثليين رغم التحريم الصريح عبر تاريخ الإسلام؟

الشريعة الإسلامية كما نعلم تدعو إلى التفريق بين الجنسين، وهذا يخلق مجموعاتٍ منفصلة من الرجال لوحدهم والنساء لوحدهن في كل مجالات الحياة الاجتماعية. هذا ما يشجّع بشكلٍ غير مباشر على ممارسة الشذوذ الجنسي بطبيعة الحال، ويتعارض مع حظر هذه الممارسة في الإسلام الذي يعتبرها غير طبيعية. إذًا، هل من الطبيعي فصل الرجال عن النساء؟

ليس هذا التناقض الوحيد الموجود في الشريعة، فهي مليئةٌ بالتناقضات، حيث نجدها تحظر هذه الممارسة من جهة، بينما تشجّعها بشكلٍ غير مباشر من خلال خلق بيئة اجتماعية تدعم تطورها من جهةٍ أخرى. إذا كان الإسلام يعتبر المثلية الجنسية ممارسةً غير طبيعية، فمن المنطقي أن يشجّع على التعليم المختلط للحدّ منها، لكنه فعل العكس تمامًا.

هذا معلومٌ لأولئك الذين يعرفون الإسلام جيدًا ويدركون عدم تناسق قوانينه، إذ يبدو وكأنّ كل قانونٍ قد تم تطويره على حدة، وهذا ما يثبت أنها قوانينٌ وُضعت على عجلٍ دون تفكيرٍ ودراسة، من قبل الإنسان وليس من قبل الله أو أي قوةٍ أخرى. إما أن هذه القوانين الإسلامية كانت موجودةً قبل الإسلام بوقتٍ طويل واستلمها محمد لاحقًا ومنحها صفةً مقدسة وإلهية، أو أنها تنبع من عقلية محمد وطبيعته، مما يحب وما لا يحب، ويرغب في فرضه على جميع العرب دون مراعاة تنوع الطبيعة البشرية.

كل هذا واضحٌ للغاية، بالإضافة إلى التمييز بين المثلية الجنسية للذكور عنها للإناث. لقد اعتبر الإسلام المثلية بين الرجال أمرًا لا يُغتفر، أما بالنسبة لمثلية النساء، فلم يهتم بها كثيرًا. من ناحيةٍ أخرى، فإنّ عقاب الفرد السلبي أثقل من عقاب الشخص الإيجابي، ذلك لأنّ الإسلام يرى أن الرجل السلبي مخالفٌ كليًا للطبيعة، بينما نعلم اليوم جيدًا أن هناك أشخاصًا ولدوا بميل طبيعي للمثلية أو أصبحوا كذلك من خلال اختيار شخصي، حيث يختارون ما يناسب طبيعتهم.

الجميع أحرارٌ في اختيار حياتهم الجنسية، فبأي حقٍ يسمح الإسلام لنفسه بإجبار الناس على مخالفة طبيعتهم وجعلهم منافقين، وذلك فقط لإرضاء الشريعة الإسلامية المزعومة التي نسخها محمد وفرضها كقوانين إلهية؟

يتساءل المرء: هل كانت هذه الممارسة موجودة في زمن محمد؟ الجواب بلا شك: نعم.
إنّ الشذوذ الجنسي موجودٌ في جميع الشعوب. كما أنّ القرآن تحدث بهذا الخصوص عن أهل لوط الذين انتشرت ممارساتهم الجنسية المثلية، وكما نعلم، فإن القصة مقتبسةٌ من العهد القديم. إليكم الآية المعنية: سورة الأعراف، الآيات 80 و81:
“وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ ۝ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ”

إدانة المثلية الجنسية واضحةٌ في القرآن الكريم والعقاب المصاحب لها مذكور في الحديث. لكن تنفيذ هذه العقوبة يكاد يكون غير موجودٍ في العالم الإسلامي لأنّ شروط تطبيقها يصعب تلبيتها (مثل وجود أربعة شهود، …). ومع ذلك، لا يمكن لأحدٍ أن يُظهر مثليته الجنسية أو يمارسها بحرية، فكل شيءٍ يتمّ في الخفاء، فهذه هي القاعدة الذهبية في الإسلام فيما يتعلق بالسلوك المخالف للشريعة الإسلامية؛ إذ يجب أن تكون منافقًا عظيمًا حتى تكون مسلمًا جيدًا ويحترمك الآخرون.

أخيرًا، سأذكر بضع آيات من القرآن تبدو غريبة بالنسبة لي، وهي تتحدث في الواقع عن أولئك الذين سيخدمون المؤمنين في الجنة:
يقال لنا إنهم شباب جميلون جدًا!!
سورة الطور، الآية 24: “وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ”
سورة الواقعة، الآية 17-18: “يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ، بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ”
سورة الإنسان، الآية 19: “وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا”

نتساءل عمّا إذا كانت المثلية الجنسية، المحظورة على الأرض، يُصرح بها في الجنة؟ كما الحال مع الخمر، الذي يتدفق في أنهار الجنة؟ أم أن محمدًا قال هذا لطمأنة المسلمين الذين يحبون هذه الممارسة؟ على أي حال، من الواضح تمامًا أنه للهروب من قمع الشريعة الإسلامية في هذه الحياة، يجب على المرء أن يتصرف كمنافقٍ محترف.

Pin It on Pinterest